زميلان أقرأ لهما وأحترم آراءهما هما وليد الجاسم وم.غنيم الزعبي، كتبا بمناسبة ذكرى غزو 2/8/1990 مقالين مفادهما ان تلك الجريمة يجب الا تنسب لصدام وحده فهو لم يقدم علينا بمفرده بل ومعه مئات الآلاف من الجيش الرسمي والشعبي وأن جرائم القتل والقمع والسرقة وهتك الأعراض لم يقم بها صدام بذاته بل جنده وزبانيته.
***
«الغزو الصدامي» أم «الغزو العراقي» قضية مهمة جدا سنجتهد في طرح الرأي فيها آملين في حصد أجرين إن أصبنا وأجر إن أخطأنا، فمن جانب استخدام مصطلح الغزو العراقي يخشى ان يستخدم لبقاء العلاقة متوترة بين الشعبين الكويتي والعراقي في وقت نعلم فيه أنه لا مصلحة للكويت في بقاء علاقتها سيئة مع جار الشمال، خاصة مع التباين العددي الكبير بين البلدين وعدم القدرة على الاعتماد للأبد على قوى خارجية يمكن لها ان تنسحب بقرار تفرضه ظروفها الداخلية، كما انه ليس للعراق مصلحة في بقاء علاقاته متوترة مع الكويت كما اثبت التاريخ مرارا وتكرارا.
***
كذلك فإشكالية حصر الغزو في صدام والقول «بالغزو الصدامي» أمر غير مسبوق في العلاقات الدولية، حيث تتحمل الأمم والشعوب دائما نتائج ما يقوم به قادتها، وقد يخلق تحميل صدام فقط مسؤولية الغزو شعورا كاذبا بالظلم لدى الشعب العراقي تماما، كما حدث في ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى وأدى الى نشوب الحرب الكونية الثانية نتيجة لشعور الشعب الألماني بالظلم، ولم تستقر الأوضاع في اوروبا وتتوقف الحروب فيها إلا بعد ان اقر الشعب الألماني بمسؤوليته، يضاف الى ذلك ان المسؤولية الفردية للحروب تعطي الأمم الحق في غزو الجيران فإن انتهى الأمر بخير استفادت الأمة الغازية من خيرات الأمة المغزوة وان انتهى الغزو بالإخفاق يتم لوم القائد الذي قد يموت او يقتل او يختفي ومن ثم تتبرأ الأمة المعتدية من دفع ثمن عدوانها وفي ذلك تهديد للسلم العالمي.
***
لذا قد يكون حل الإشكال هو باعتماد مصطلح «الغزو الصدامي» لا العراقي في الكويت كي لا نورث علاقة متوترة مع الشعب العراقي مع معرفتنا بأن صدام لم يغزنا وحده وان هناك استحقاقا قانونيا وماليا على العراق جراء ذلك الغزو، كما يجب اعتماد مصطلح «الغزو العراقي» لا الصدامي في العراق كوسيلة للإقرار بالمسؤولية الجمعية للحدث، ومنعا للشعور الكاذب بالظلم وحرصا على العلاقة مع الكويت والجيران، والأهم منعا من تكراره تجاه الدول المجاورة مادام الأمر يشارك فيه الآلاف والملايين، فلا تحصر الملامة فيه في شخص واحد.
***
آخر محطة: الغريب أنه لا أحد يجرؤ في العراق الشقيق على القول إن غزو صدام الإجرامي لإيران يُسأل عنه صدام فقط.