الإخوان المسلمون هم قوة رئيسية على الساحة العربية، لذا على الدول الخليجية وحتى العربية أن تحسن التعامل معها، كما ان على الإخوان بالمقابل أن يحسنوا التعامل مع الدول الخليجية والعربية، فنجاح مشروع الاخوان في مصر وتونس وغيرهما يعني نجاح أمتينا العربية والإسلامية، وفشلهم يعني فشل دولنا تكرارا لفشل مشروع اليسار العربي بعد إضاعة 50 عاما من عمر الأمة في تجارب مدمرة فاشلة!
***
لقد بدأ الرئيس المصري د.محمد مرسي عهده بجملة أخطاء يصعب احتمالها أو تفسيرها، أولها إنزاله الجموع للشوارع والميادين إبان فترة ظهور نتائج انتخابات الرئاسة، وقد سبق له أن عاش في أميركا، فهل شاهد مثل ذلك الفعل هناك؟! ألا يعلم الرئيس أنه بإنزاله الجموع للساحات لفرض اختيار إما د.مرسي أو د.مرسي للرئاسة سيؤسس لممارسة قد تدمر جميع الانتخابات الرئاسية المستقبلية (ما لم يكن المخطط هو أن تكون الانتخابات الرئاسية الأخيرة هي الأخيرة)؟! فماذا سيحدث مستقبلا عندما يتنافس على الرئاسة مرشح من صعيد مصر ومرشح من أريافها، أو مرشح من القاهرة وآخر من الإسكندرية ويصر كل طرف على إنزال جموعه للشوارع لفرض فوز مرشحه؟! لقد كان المرشح أحمد شفيق شفيقا بمصر ومستقبلها عندما أرسل بعد دقائق قليلة من ظهور النتائج برقية تهنئة للرئيس مرسي، والسؤال المحق بعد تلك النتيجة المتقاربة: ماذا لو حدث العكس وفاز شفيق؟!
***
ومن الصعب فهم او استيعاب قرار الرئيس د.محمد مرسي الأخير برفض حل البرلمان وهو أمر استجاب لمثله وفي أكثر من مرة الرئيس السابق حسني مبارك، مما «زعّل» القضاة الذين أصدروا القرار الذي تسبب في الحل وأغضب المجلس العسكري الذي نفذه، وكل هذا لأجل جلسة برلمانية لم تزد على 5 دقائق وتحت مقولة ان ذلك المجلس سيحل في النهاية من قبل الرئيس الذي سيدعو لانتخابات خلال 60 يوما، متناسيا ان موعد الانتخابات البرلمانية تحدده اللجنة التأسيسية للدستور لا رئيس الجمهورية!
***
إن النزول للشوارع والالتحام بالشعب أمر قامت به في السابق قيادات مثل جمال عبدالناصر والقذافي وكاسترو وتشافيز ونجاد وغيرهم، دون أن يثبت ذلك صحة مسارهم اللاحق الذي أضر بشعوبهم، كما ان الصبغة الدينية للحكم لا تعني بالضرورة العدل والنجاح وانسانية التعامل، حيث جرب مثل ذلك إبان حكم المجاهدين ثم «طالبان» في أفغانستان وفي إيران والسودان فتفشى الظلم والقتل والقمع والفقر على أراضيها وبين ربوعها دون أن تحل مشكلة من مشاكل الشعوب الملحة، بل زادت حدتها وتفاقمها.
***
آخر محطة: كما يحسب أغلب التيار السياسي الشيعي في الخليج والمنطقة العربية على إيران وتحاسب بالتبعية على تصرفاته، فإن وصول الإخوان لسدة الحكم في مصر يجعل النظام في القاهرة مسؤولا أمام الدول الخليجية والعربية عن تصرفات جماعة الإخوان فيها كما كان الرئيس عبدالناصر مسؤولا عن تصرفات الحركات القومية في الوطن العربي. كانت الحكمة والوطنية تقتضيان من الرئيس د.محمد مرسي أن يظهر ومنذ يومه الأول وعبر قراراته أنه رئيس لكل مصر لا لجماعة من جماعاتها، الا ان بعض المراقبين يرى أنه تصرف على العكس من ذلك فقد حرص على مصلحة الجماعة قبل أي شيء آخر مما أدى الى تصادمه مع القضاء والعسكر. هناك ملايين المصريين العاملين في الخارج، فهل كلما حدث إشكال لأحدهم ستقله طائرة خاصة ليستقبله الرئيس ويفطر معه كما حدث مع الصحافية شيماء؟ أرجو ألا يكون في ذلك عودة للنهج «الهيكلي» في الإعلام الذي خدع الشعوب ودمر الأمة. نشر أمس الكاتب الإيراني د.محمد صادق الحسيني انه ووفداً إيرانياً التقوا هيكل في عزبته وأخبرهم ان عليهم التمسك بالنظام السوري وبالطبع «طز» في دم الشعب العربي السوري، ومنا للقوميين العرب.. مع التحية بعد تساقط الأقنعة!