هناك إجماع بين القوى السياسية على ضرورة التهدئة مستشهدين بحل 5 مجالس نيابية وسبع حكومات خلال السنوات القليلة الماضية، والسؤال الذي يطرح نفسه حول تلك الاهتزازات والزلازل السياسية: هل اللوم يقع على من يشعل حرائق الأزمات عبر الاستجوابات وغيرها من ممارسات، أم على من يطفئ تلك الحرائق عبر اللجوء للحل الدستوري وإقالة الوزارات بقصد التهدئة وحماية الوطن من الانزلاق الى ما لا تحمد عقباه؟!
***
قبل أيام من اختطاف طائرة الجابرية عام 1988 زارني في كابينة القيادة في الطائرة التي كنت أقودها من بانكوك إلى مانيلا رجل أمن من الداخلية يدعى (ج.ق) ورجل أمن من «الكويتية» يدعى (ع.ع) ومما ذكراه ان الخلايا الإرهابية المعادية للكويت التي كانت مستقرة في أوروبا قد نزحت بسبب الغلاء الى تايلند، وأضافا أنهما أرسلا رسالة مشتركة الى مسؤولي «الكويتية» تحذرهم من تلك المخاطر الأمنية، وبعدها بأيام خطفت «الجابرية» من بانكوك.
***
وكنت قبل ذلك قد أصدرت كتابا مختصا بسلامة الطائرات من ناحية وأمن الطائرات من ناحية أخرى يتضمن الاجراءات الواجب اتخاذها لمنع خطف الطائرات الذي عانت منه «الكويتية» أكثر من مرة حتى أصبحت شركة الطيران الأكثر اختطافا في العالم وضمنته ضرورة إشراك كافة قطاعات المؤسسة في التصدي للخطف وعدم الاكتفاء برجال الأمن الموجودين على بعض الرحلات، فموظفو الحجز على سبيل المثال عليهم الانتباه والإبلاغ عمن يشتري التذاكر نقدا ومن لا يتناسب طلبه بالجلوس في الدرجة الأولى مع سنه أو هيئته أو دخله لحقيقة ان الطائرات تخطف من الأمام حيث كابينة القيادة وكانت تذاكر خاطفي الجابرية قد اشتريت نقدا.
***
كما يحتاج الأمن الشامل للطائرات الى تدريب موظفي الحركة كي يمكن عبر الحوار مع أي راكب مشتبه به مطابقة الجواز مع جنسية الشخص (خطفت الجابرية من قبل إرهابيين عرب يحملون جوازات خليجية لا يتحدثون لهجتها) والأمر كذلك مع التدريب الأمني للمضيفين والمضيفات لمراقبة تصرفات الركاب المريبة ولو أخذ بتلك الأمور لما نجحت عملية اختطاف «الجابرية» ولما أزهقت الأرواح الكويتية البريئة.
***
بعد كارثة اختطاف «الجابرية» شكّلت لجنة تحقيق في ذلك الحادث كحال لجنة التحقيق في كارثة الداو، ولم يوقف أحد من المسؤولين عن عمله في «الكويتية» ابان التحقيق لإعطاء حماية لمن يريد الشهادة من الموظفين بل أصبحت تلك اللجنة وبسبب غياب التخصص بين أعضائها أشبه بلجنة رؤية هلال رمضان أي بقيت جالسة منتظرة تقدم الناس لها بشهادتهم وهو ما لم يحدث وذهبت دماء الأبرياء هدرا ولم يدن أحد بتلك الجريمة الشنعاء والقصور الفاضح ولو حدث أمر مشابه في أي بلد آخر لتحركت اللجنة ووصلت للفاعلين وتساقطت الرؤوس بسبب ما حدث.
آخر محطة:
(1) إن كنا جادين في البحث عن المقصرين في قضية الداو وتعلمنا من تجربة لجنة تحقيق «الجابرية»، فعلينا إصدار قرار إيقاف مؤقت للمسؤولين المعنيين بتلك القضية الكبرى كبيرهم قبل صغيرهم ودون ذلك لن يدان أحد عدا.. فراش النفط!
(2) هل هناك مبرر للتعدي على المال العام الذي يملكه الشعب الكويتي قاطبة عبر صرف 4 رواتب بونص للقطاع النفطي في ظل الانهيارات القائمة في أسعار النفط، وماذا حدث للجان التحقيق في تجاوزات التعيينات في الشركات النفطية والتي وزعت كغنائم حرب على الأقارب والأصدقاء؟!