يقول البعض: لماذا الاعتراض على المتغيرات التي ندعو لها مثل التحول إلى الدائرة الواحدة والاحزاب والحكومة الشعبية ..الخ، فتلك المتغيرات ستفك بنظرهم عملية الانسداد السياسي ومعها التباطؤ الاقتصادي فأوضاعنا حسب هذا الرأي لن تصبح أسوأ مما هو قائم، فهل ذلك التوصيف او التشخيص صحيح؟!
***
اولى البديهيات ان التغيير المطلوب في الامم المتقدمة هو التغيير للاحسن وليس التغيير للاسوأ، كما حدث بعد سقوط الملكيات في مصر والعراق وليبيا، وكمثال جيد على ما نقول ما حذرنا منه في السابق ردا على من أشاعوا ان التحول لنظام الدوائر الخمس سيقضي على الطائفية والقبلية وتأثير المال السياسي وظاهرة شراء الاصوات، وقد قلنا في حينها ان ذلك التحول سيزيد من الظواهر السالبة حيث ان تكبير الدوائر سيزيد من حجم الغنيمة او الجائزة من كرسيين اخضرين الى 10 كراسي خضراء لامعة مما سيزيد معها من حدة الاستقطاب الفئوي والطائفي، كما ان ذلك التوسع سيجعل من الصعوبة بمكان على المرشحين الاكفاء والامناء تحمل الكلفة المالية للحملة الانتخابية ومن ثم سيزداد تأثير المال السياسي وشراء الاصوات ومعها صعوبة سيطرة وتحكم القوى الامنية بالمخالفات.
***
ان من يسوق لحلول الدائرة الواحدة والحزبية والحكومة الشعبية البرلمانية ينسى انها مطبقة بالكامل على بعد امتار قليلة من حدودنا الشمالية اي في العراق الشقيق والجريح، وقد تسببت تلك الانظمة المطبقة لديهم بإحالة أمنهم الى خوف، ووحدتهم الى تشتت فانتشر القتل والنحر والتفجيرات بين كتلهم السياسية نظرا لكبر الجائزة المتمثلة بالميزانية العامة للدولة التي يستحوذ عليها من يسيطر على الحكومة.
***
ان احدا لا يصدق ما يقال ان ما نراه في العراق الجريح من جرائم ودماء وتفجيرات هو لأسباب دينية او طائفية حيث لم يشهد العراق في تاريخه الحديث اي حوادث طائفية من قبل، ان حقيقة ما يحدث هو تقاتل سياسي على الجوائز والغنائم وكعكة الحكم يغطى عليها بخلق اشكالات طائفية ودينية، وعليه نقول ان اوضاعنا الحالية التي نشتكي منها هي افضل مليون مرة من احوال العراق او الصومال او اليمن وغيرها ممن حولتهم الحزبية والقائمة النسبية والحكومة الشعبية الى الخراب والدمار والى جهنم ارضية يمتلئ الطريق اليها بأصحاب النوايا الحسنة واصحاب النوايا السيئة، والاثنان موجودان بوفرة على ساحتنا السياسية.
***
آخر محطة:
1 – في الخلاصة تغيير نظامنا السياسي كما هو مقترح لن يحيلنا للافضل بل لجعل الجائزة تكبر وتكبر حتى تصبح بحجم البلد وميزانيته العامة ومن ثم سنشهد حال التغيير تخندقات حادة للقوى السياسية الكويتية ستأخذ اشكال مواجهات دموية طائفية وفئوية قريبة مما يحدث على الشمال من حدودنا، وستستعين قوانا السياسية المتناحرة آنذاك بقوى خارجية ستأتي ومعها الاموال ورجال المخابرات والاسلحة والمتفجرات والقتل العشوائي حالها حال حروب الاحزاب في دول المنطقة التي شعوبها أكثر ثقافة وعلما من شبابنا الغر الميامين.
2 – شبابنا في «التطبيقي» رفعوا لافتات يقسمون فيها بالتصدي لهذا «العبس» (يقصد العبث)، الله يكون في عون الدكتورين العزيزين نايف الحجرف وعبدالرزاق النفيسي على مثل هذا «العبس» الطلابي.