لا يوجد بلد في العالم تعرضت اسواقه المالية لهزات ونكسات ونكبات متتالية كما حدث في الكويت دون ان نسمع ان احدا عوقب قط على تلك التجاوزات والسرقات التي تتزامن دائما مع تعاظم موارد الدولة، فارتفاع اسعار وعوائد النفط منتصف السبعينيات تلته كارثة البورصة 76 وعودة اسعار النفط للارتفاع بداية الثمانينيات بسبب الغزو الصدامي لإيران تلاها انفجار فقاعة المناخ التي من جوانب كوميديتها السوداء ما سمعته من الصديق يوسف الجاسم قبل ايام، والذي كان احد ملاك مكتب للوساطة بالسوق، حيث باعوا لأحد زبائنهم اسهما قيمتها 420 الف دينار على احد اكبر فرسان المناخ فوصلهم شيك بـ 4.2 ملايين دينار لحساب ذلك الزبون المحظوظ الذي كان يكتب آنذاك في جريدة «الأنباء» باسم مستعار هو محمد الجاسم.
***
يضيف الصديق بوخالد أنهم اضطروا لملاحقة فارس المناخ لعدة ايام كي يردوا عليه شيك الملايين ويتسلموا منه شيك الآلاف، وقد غير الشيك بشيك دون ان يشكرهم او حتى يهتم بذلك الخطأ، فقد كان في حينها يلعب بملايين غيره كما يلعب الطفل برمال البحر. وطرفة اخرى لذلك الفارس حيث قرر احد كبار التجار التقليديين ان يتعامل معه دون سابق معرفة بعد إلحاح اصدقائه عليه، يقول التاجر: ذهبت لسوق المناخ فوجدت الفارس قد خرج منه واتجه للمكتبة القريبة فتبعته وتوقعت ان يشتري صحفا مثل «الوول ستريت جورنال» و«الفايننشال تايمز» إلا أن الفارس الكبير اخذ مجلات «الشبكة» و«الموعد» و«الكواكب» فحلفت ألا أتعامل معه.
***
وصلتنا من الأخ حامد صالح السيف دراسة قيمة حول الحاجة إلى تعديل بعض مواد قانون هيئة سوق المال رقم 7/2010 كي يتماشى ذلك القانون مع ما هو موجود في القوانين الدولية وليخضع لشروط المؤسسات الرقابية الدولية على الهيئات الرقابية في الاسواق المالية المحلية.
ومما جاء في الدراسة التي نأمل ان يعدل القانون المعني لما يخدم الصالح العام والأسواق المالية الكويتية:
***
تعيب الدراسة على القانون عدم وجود ميزانية محددة من الدولة للهيئة او ميزانية مربوطة بميزانية الدولة رغم ان القانون ذاته ينص على ان فائض ميزانية الهيئة يحول الى الخزانة العامة للدولة (!) كما تشير الدراسة الى خطأ ان تكون موارد الهيئة من الرسوم والغرامات، فماذا يحدث لو انتظم السوق ولم تكن هناك مخالفات تستحق تحصيل الجزاءات فهل تفلس الهيئة؟! وكيف يكون لديوان المحاسبة رقابة على ميزانية ليست مربوطة بميزانية الدولة؟!
***
كما تستغرب الدراسة خلق قانون خاص رقم 33 لخصخصة سوق الكويت المالي لا يخدم السوق في وقت يوجد فيه قانون للتخصيص رقم 37 لسنة 2010 والذي يتضمن دخول المستثمر الاستراتيجي ووجود سهم ذهبي للدولة. ويقترح السيف ان تحول الاموال البالغة 520 مليون دينار ـ والتي يفترض ان تصبح المورد المالي للهيئة، عبر ايداعها في البنوك، وهو ما يخلق تعارض مصالح بين البنوك والهيئة التي تراقب اعمالها ـ الى الميزانية العامة للدولة وان تكون للهيئة ميزانية مستقلة تمنحها الاستقرار والاستقلالية، ويعطى لديوان المحاسبة وغيره حق الرقابة عليها.
***
آخر محطة:
أقرأ بشكل يومي اعلانات وقرارات هيئة سوق المال السعودي، وأجد أنها لا تتهاون مع التسيب والتلاعب ولا تغطي على من يريد خداع صغار المستثمرين، بل تصدر العقوبات والجزاءات الرادعة ضده مهما كبر اسمه وعلا شأنه.. وعقبال عندنا!