يفوت على كثير من ساستنا ومثقفينا ومفكرينا واعلاميينا ونحن نتحدث عن الاتحاد الخليجي الكثير من الاساسيات والبديهيات ومنها:
1 – ان النظام الاساسي لمجلس التعاون نص ومنذ يومه الاول على ان اهداف المجلس «تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الاعضاء وصولا الى وحدتها»، كما اتى في الفقرة الاولى من المادة الرابعة، فاذا كان هناك من لديه تحفظات على الوحدة الخليجية فلماذا تم السكوت على النظام الاساسي لمدة 31 عاما ولم يطالب أحد بتغييره حتى تعلم الشعوب ان هدف المجلس ليس الوحدة.
2 – إن اكثر نقد وجه للقيادات الخليجية خلال الثلاثة عقود الماضية هو: لماذا لم تحققوا وحدة دولكم؟ وهل يجوز نقدهم مرة اخرى عند طلبهم للوحدة؟
3 – لا يخفى على احد حجم المخاطر والمطامع الحقيقية التي تحيط بدولنا الخليجية (غزو صدام للكويت كمثال) وحقيقة اننا لا نستطيع مواجهتها منفردين بل ان وحدتنا هي السبيل «الوحيد» لتقويتنا عسكريا واقتصاديا وسياسيا، فالاتحاد قوة والتفتت ضعف، والا لماذا اتحدت الولايات الاميركية والدول الاوروبية؟!
4 – ان الاتحاد الخليجي سيحافظ على المكاسب السياسية والاجتماعية والاقتصادية لدوله وشعوبه ولن يضحي احد بديموقراطيته او انفتاحه الاجتماعي ضمن تلك الوحدة ولدينا تجربة اتحاد الامارات الذي يضم الشارقة ذات التوجه الاسلامي المحافظ ودبي ذات التوجه الليبرالي المنفتح دون ان يفرض الاتحاد نمطا واحدا عليهم.
5 – الاتحاد ليس موجها بالقطع ضد دولة او فئة او طائفة والا لوقفنا جميعا ضده بل على العكس من ذلك فغرب الخليج القوي والمتحد هو الحليف الاقوى لشرق الخليج الذي يتعرض هذه الأيام لتهديدات امنية وعسكرية وحصار اقتصادي.
6 – مطالبتنا بوحدة دول الخليج تتطابق مع مطالبتنا بوحدة اراضي العراق وشعوب ايران ولا يصح عقلا ومنطقا ان تطالب دول الخليج بوحدة اوطان الآخرين وأن يروموا هم في المقابل تشرذمنا وتشتتنا.
7 – ان كان لا بد من الاستفتاء حول الاتحاد فليمنح الاستفتاء لمن يود من شعوب دولنا بعد 4 سنوات من تجربة الوحدة ومزاياها لا قبل ذلك ومن يرفض الوحدة فعليه ان يخرج من مجلس التعاون لمخالفته النظام الاساسي في مادته الرابعة الداعية للوحدة.
8 – الوحدة لا تعني هيمنة دولة على باقي دول الاتحاد بحسب الحجم حيث ان الوحدة ستقوم على مساواة دوله في الحقوق والواجبات كحال تساوي المانيا ولوكسمبرغ ضمن الاتحاد الاوروبي.
9 – اشتراط تطابق الانظمة السياسية لتحقيق الوحدة الخليجية هو شرط استحالة ودعوة حق يراد بها باطل، فالاتحاد الاوروبي يضم انظمة سياسية مختلفة منها الملكية والجمهورية والاندماجية والفيدرالية ..الخ، ولم يشترط احد التحول للنظام الجمهوري او الملكي او الفيدرالي ..الخ، لتحقيق تلك الوحدة التي افادت جميع دولهم.
10 – ان الطامعين في بلداننا لن يميزوا بين طوائفنا وأعراقنا وتوجهاتنا السياسية ويمكن في هذا السياق سؤال الوحدويين والبعثيين الكويتيين عما فعله بهم البعثيون والوحدويون الصداميون حيث ساقوهم للمشانق والمعتقلات والمقابر الجماعية، فهل من متعظ؟
11 – أخيرا ان العروض الوحدوية الحالية لن تكون موجودة بشكل دائم على الطاولة فقد يسعى في الغد من يرفض الوحدة اليوم فلا يجدها.
***
آخر محطة: 1 – للمعلومة، عندما احتل صدام الكويت لم يطلب احد من الكويتيين ابان مؤتمر جدة في أكتوبر 1990 ان يتخلصوا من ديموقراطيتهم كشرط لدعم عملية تحريرهم ولو طلب ذلك الامر آنذاك لتحقق على الفور حيث كانت الاولوية لتحرير الكويت على ما عداها.
2 – للاسف، دولنا الخليجية أقرب ما تكون هذه الايام لحال دويلات الطوائف في الاندلس التي تسبب تفرقها في تساقط ممالكها تباعا وطرد شعوبها العربية من بلدانها التي تجاوز عمرها 800 عام أي اكثر من ثلاثة اضعاف عمر اغلب دولنا الخليجية.
3 – يقول الشاعر أبوالبقاء الرندي في ضياع ممالك الاندلس وتشرد شعوبها:
لكل شيء إذا ما تم نقصان
فلا يغر بطيب العيش إنسان
هي الأمور كما شاهدتها دول
من سره زمن ساءته أزمان
أين الملوك ذوو التيجان من يمن
وأين منهم أكاليل وتيجان
لِمَ التقاطع في الاسلام بينكم
وأنتمُ يا عباد الله إخوان
لمثل هذا يذوب القلب من كمد
ان كان في القلب إسلام وإيمان
الخوف ان نبكي يوما كالنساء على دول لم نحافظ عليها كالرجال!