تساءل مؤسس الشيوعية العالمية كارل ماركس وبحق: لماذا يملك البعض الملايين بينما لا يملك جاره شيئا؟! ولماذا يملك البعض الكثير من المساكن وينام غيره في الشوارع؟! واضاف صاحبه المفكر «انجلز» ان على الحكومة ان تؤمم وتتملك كل شيء ثم تقوم بتوفير السكن والعمل والخدمة الصحية والتعليم بالمجان للجميع ثم سترون ـ حسب قوله ـ كيف سيبدع الانسان متى ما توافرت له تلك الاساسيات في دولة «وطن حر وشعب سعيد»، وعليه فقد كان من المتوقع ان يتحول العالم بأجمعه الى الماركسية مع نهاية القرن العشرين.
*****
وفي عالمنا العربي، روج بعض المفكرين والساسة والمثقفين ابان مصر الملك فاروق وعراق الملك فيصل الثاني وليبيا الملك ادريس السنوسي، لفكرة لماذا يحكمنا ملك مرفه يأكل الكافيار ولا يشعر بمشاعر الفقراء والمساكين؟ والافضل من هؤلاء الملوك ـ برأيهم ـ حاكم «شعبي» يأتي من اوساط الشعب كي يرأف بنا ويرحم فقراءنا ويعف عن اموالنا، وهذا الكلام وما اتى في الفقرة السابقة كلام جميل ومنطقي جدا، فما الذي حدث لدول المنظومة الشيوعية وما الذي جرى كذلك في مصر والعراق وليبيا بعد سقوط الانظمة المالكة وتولي الحكم الشعبي الذي يعتقد انه اقرب لنبض الشارع؟!
*****
سقط حكم القياصرة في روسيا وتولى الحكم فلاح شعبي بسيط قادم من جورجيا يدعى ستالين قام بقتل وابادة 20 مليونا من شعبه، فأنتشر الدمار وتوقف الابداع بسبب الخوف والرعب، ومثل ذلك تسبب الماركسي ماو في موت وابادة 30 مليون صيني في اواخر الخمسينيات، وفي وطننا العربي انتشر زوار الفجر في مصر ابان عهد الحاكم الشعبي جمال عبدالناصر، وامتلأت الارض في ليبيا والعراق ابان عهدي القذافي وصدام بالمقابر الجماعية للفقراء والمساكين ممن لم يقم قيصر روسيا ولا امبراطور الصين ولا ملوك مصر وليبيا والعراق بواحد من مليون من الجرائم التي ارتكبها من اتوا من صفوف الشعب بحق شعوبهم، وتلك الامثلة جميعا تظهر الفارق الكبير في العمل السياسي بين النظرية والتطبيق.
*****
هذه الايام يروج لدينا من يروم تدمير الكويت بسبق اصرار وترصد لمقولة: لماذا لا تحكمنا حكومة شعبية لا يأكل افرادها الشيكولاتة السويسرية (المتوافرة للعلم بأرخص الاثمان في الجمعيات التعاونية) فتلك الحكومات الشعبية ـ حسب قولهم ـ هي الارحم بنا وسنرى على ايدي زعاماتها الخير الوفير والعطف الكثير والامانة والصدق بعد عصر المجاعات والطغيان والبؤس الشديد والمقابر الجماعية التي تعيشها شعوبنا الخليجية على ايدي الانظمة الحاكمة في دولنا الخليجية هذه الايام؟! لمعرفة ما الذي ستفعله الحكومات الشعبية بشعوبنا عليك العودة لبداية المقال والتمعن في انجازات القيادات الضرورة امثال صدام والقذافي ومن لف لفهما.
*****
آخر محطة:
1 ـ المتابع لاعمال الحكومات الشعبية في منطقتنا العربية يجدها تقسم شعوبها الى اربعة اجزاء، جزء للحروب وجزء للابادة الجماعية وجزء للمعتقلات والسجون وجزء للتهجير القسري، ويا لها من قدوة حسنة يراد لنا ان نقتدي بها!
2 ـ تشترك انظمتنا الخليجية، الديموقراطية منها وغير الديموقراطية، في مبدأ «انسانية» التعامل مع شعوبها وحسن الانجاز لدولها، فلماذا نطالب بتغييرها الى خيارات ظاهرها رحمة وباطنها عذاب شديد؟! لست ادري.