إبان «هوجة» الدوائر الخمس قلنا حينها ان تقليل عدد الدوائر وتكبير حجمها امر غير معمول به في أي من الديموقراطيات الاخرى التي نعتقد يقينا ان القائمين عليها اكثر ذكاء وحكمة من الداعين لدينا لتلك الهوجة، وذكرنا آنذاك ان الحل الناجع والناجح لاشكاليات شراء الاصوات والفرعيات والتخندقات الطائفية يكمن في تطبيق القانون وليس في ترحيل المشاكل الى المجهول!
*****
وضمن ما أسماه ابوقتيبة الربعي وابوقتيبة الزامل بـ «ديكتاتورية الاغلبية» تحولنا قسرا الى الدوائر الخمس التي تمخضت انتخاباتها عما سمي بأسوأ المجالس النيابية قاطبة من قبل الداعين للتحول لتلك الدوائر (!)، واستخدم المال السياسي بشكل غير مسبوق في تاريخ البلد، كما تجذرت التخندقات الطائفية والفئوية حتى اوصلت البلد الى حافة الحرب الاهلية لولا ان ستر الله، ولم نسمع من احد اعتذارا عن اكذوبة ان الدوائر الخمس ستقضي على ظاهرة شراء الاصوات والفرعيات والتخندقات الطائفية وستعزز الوحدة الوطنية (!) التي لم تمزق قط كما مزقت خلال سنوات ما بعد «نبيها خمس» وبدل الاعتذار بدأت نفس الاصوات تروج لمشروع الدائرة الواحدة، ويقول المثل السياسي الشهير «ان تخدعني مرة فأنت المخطئ، اما ان تخدعني كل مرة فأنا المخطئ كوني صدقتك».
*****
وفي وقت اعلنت فيه «كل» الديموقراطيات العربية الناشئة وجميع خبرائها الدستوريين الكبار في مصر وتونس وليبيا رفضهم القاطع لمبدأ «الديموقراطيات البرلمانية» التي تشكل فيها الحكومات من قبل البرلمانات، وتفضيلهم لاعطاء رأس الدولة الكثير من الصلاحيات واهمها حقه في تعيين رئيس الوزراء أي الخلط بين النظامين الرئاسي والبرلماني وهو ما سبق به آباؤنا المؤسسون الكبار عبر الدستور الذي وضعوه، الدول العربية الاخرى بنصف قرن، خاصة وقد اثبت النظام البرلماني، الذي يحاول بعض نوابنا للاسف الشديد خلق تعديلات دستورية هذه الايام تحولنا له، فشله الشديد في الدول التي اخذت به مثل العراق وفلسطين وحتى اليونان وايطاليا واسبانيا حيث تمخض عن اخفاقات اقتصادية خطيرة بسبب محاولة الحكومات البرلمانية ارضاء الحاضر على حساب المستقبل، كما تفشت الازمات السياسية في تلك الدول بسبب تطاحن القوى البرلمانية الطامعة في الرئاسة، فهل يجوز العودة عن نظام سياسي اصبح قدوة للآخرين الى نظام ساهم في تمزيق وحدة الدول وخرابها السياسي والاقتصادي؟! وهل المطلوب استكمال مشروع تدمير الكويت؟!
*****
آخر محطة: المفجع ان هناك من يسعى بغفلة او قصد لتدمير نظامنا الدستوري عبر ادعاء الرغبة في «حكومة شعبية» وكأن من يحكمنا حكومات غير شعبية او انها حكومات صدامية قمعية بينما يظهر الواقع المغيب عن العقول الغائبة ان جميع الحكومات المتعاقبة منذ عهد الاستقلال بل وقبله هي جميعا حكومات «شعبية وطنية» كويتية يقودها افراد من الشعب الكويتي ما لم نعتبر اسرة الصباح ورجالها امثال عبدالله السالم وصباح السالم وجابر الاحمد وسعد العبدالله وصباح الاحمد اسرة وافدة على البلاد ومنتحلة لجنسيتها ومن سيحل محل ابنائها في رئاسة الحكومة هو الكويتي الحقيقي!