بقيت كرة النار الحارقة للأوطان والمتسببة في اشتعال الحروب الداخلية والخارجية مستقرة في أوروبا لقرون طوال، وكانت الصورة التقليدية والنمطية لبلدانهم وعواصمهم هي مبان مدمرة وجثث مقطعة وشعوب مهجرة وخزائن خاوية وفقر ومجاعات حتى ان بلدا كمصر الملكية امتلأت بالمستقرين بها والباحثين عن الأمن من إنجليز وفرنسيين وإيطاليين ويونانيين وروس وبلجيكيين وأتراك وغيرهم.
***
انتقلت كرة النار الجهنمية في الأربعينيات من مستقرها الأوروبي إلى منطقة الشرق الأوسط الآمنة فشهدنا عام 48 الدمار والقتل والتهجير في فلسطين واعتقدت الشعوب الأخرى أنها آمنة في ديارها، الآن كرة النار نطت وانتقلت عام 56 إلى مصر فأحرقتها بحرب ثلاثية شنت عليها بسبب رعونة قيادتها العسكرية عديمة الخبرة واستماعها من كانوا يحولون هزائمها إلى انتصارات وبكاء شعبها إلى ضحكات.
***
في عامي 58 و59 انتقلت كرة النار والدماء إلى العراق وبدأت مذابح الأسرة المالكة في بغداد ثم تلتها مذابح الموصل ربيع 59، ثم استقرت كرة نار أخرى عام 62 في اليمن السعيد حيث بدأت الحرب الأهلية هناك بين الملكيين والجمهوريين واستمرت حتى 67 حيث توقفت الى حين مع بدء الحرب والدمار والتهجير على مصر وسورية والأردن وفلسطين، وفي عام 70 احترقت عمان باقتتال الأشقاء الأردنيين والفلسطينيين وبقيت الحرب مشتعلة بين اليمنيين والعمانيين في جبال ظفار بسلطنة عمان، انتقل المقاتلون الفلسطينيون بعد أيلول الأسود إلى لبنان وبدأت حربهم الأولى ضد الجيش اللبناني عام 73 ثم توقفت مع بدء حرب أكتوبر 73 على الجبهتين المصرية والسورية وتلاها على الفور بدء الحرب الأهلية اللبنانية عام 75 والتي استمرت 15 عاما تخللتها المذابح النكراء والقتل على الهوية بين أبناء الوطن الواحد وغزوان لبيروت عامي 1978 و1892.
***
تزامنت تلك الحرب مع قيام الأنظمة الثورية المباركة في ليبيا والسودان وسورية واليمن الشمالي والجنوبي ثم الجزائر في التسعينيات بشن حروب أهلية وخارجية على شعوبها هي أسوأ من حروب الاستعمار عليها، وتولى «ميسي» كرة النار الطاغية صدام السلطة في العراق أواخر السبعينيات فأراح جيشه من حرب الأكراد ومنضوي الحزب الشيوعي بشن حرب ظالمة على إيران استمرت 8 أعوام وقبل انتهائها بدأ بشن حرب بأسلحة الدمار الشامل لمدة عامين على شعبه الكردي في الشمال، ثم قذف بكرة الناراتجاه الكويت دون مبرر فقتل شعبها وهجر أهلها وحرق آبارها وما ان انتهى حتى عاد لتدمير جنوب وشمال البلاد إبان ثورة 14 محافظة ضده وتسبب فيما بعد بهدف ناري في مرماه عندما استقدم الحرب وكرة النار لبلاده عام 2003 بحجة انه سيهزم الفريق الزائر على تخوم بغداد.. نتيجة مباراته مزرية وشبيهة بنتيجة المباراة السابقة مع نفس الفريق عام 91.
***
انتقلت كرة النار عام 2006 إلى لبنان وبعدها عام 2007 إلى غزة مع استقرار بعض الكرات النارية بشكل دائم في العراق والصومال والسودان ويمن القاعدة والحوثيين، في عام 2011 تحركت الكرة المشتعلة إلى ليبيا واليمن وسورية ولا يعلم أحد من الضحية القادمة لكرة النار المتنططة في المنطقة وإن كنت أجزم بأنها متجهة سريعا شرقا إلى الخليج ووسطا إلى مصر وسورية وليبيا.
***
آخر محطة:
ما تظهره اليوتيوبات ومواقع الإنترنت من جرائم تقوم بها أنظمة قمعية عربية ضد شعوبها ممن لم يشهد له التاريخ مثيلا يجعلنا نتساءل عن العدو الحقيقي للأمة العربية وهل هو العدو الخارجي أم تلك الأنظمة؟!