في ظل الحملة الظالمة على مفتي مصر د.علي جمعة بسبب زيارته للقدس والتي يتشارك القائمون بها مع إسرائيل التي لا تود أن يزور أحد القدس أو الضفة بتطبيع أو بدونه، شبه بعضهم تلك الزيارة بزيارة الرئيس السادات للقدس والتي تمخضت لاحقا عن اتفاقية كامب ديفيد «الظالمة» التي استقال بسببها وزراء الخارجية اسماعيل فهمي ومحمد كامل ورئيس الدائرة القانونية د.نبيل العربي أمين الجامعة العربية الحالي، ومادامت الزيارة الأولى خطأ فالثانية خطأ بالقطع.
***
التاريخ في منطقتنا يقرأ بالعواطف والانفعالات لا بالحقائق والوقائع والنتائج ويتمثل عادة بوجهة نظر واحدة يخون ويكفر من يبدي رأيا آخر فيها ومن ذلك ان احدا لم يكتب قط عن موقف الطرف الإسرائيلي بتلك المفاوضات وهل كان سعيدا وفرحا بما يسميه المفكرون والمثقفون والساسة العرب تنازل وتخاذل وحتى خيانة السادات للقضية العربية ومن ثم كان الإسرائيليون حسب ذلك الفهم مستعدين لتقبيل الأيدي والأقدام لتوقيع اتفاقية كامب ديفيد؟!
***
الواقع ان الطرف الإسرائيلي كما أتى في مذكرات قياداته اليمينية المشاركة آنذاك لم يكن راضيا على الإطلاق عن الاتفاقية التي تنص على الانسحاب من سيناء التي يعتبرها مناحم بيغن ارضا توراتية وجزءا من دولة إسرائيل رجعت لها مرتين (56 و67) وانهم لم ينهزموا في حرب كي يضطروا لتسليم ما يعتبرونه كذلك موانع جبلية طبيعية تفصل بينهم وبين مصر كحال جبال الجولان في الشرق، كما ان مساحتها تعادل 3 مرات مساحة اسرائيل وبها الكثير من النفط والغاز والمعادن وانهم عاشوا 30 عاما دون اتفاقية سلام ويستطيعون العيش 300 عام اخرى دون تلك الاتفاقية التي يمكن ان تمزق في أي لحظة إلا انهم غير مستعدين للتخلي عن مطارات ومستوطنات وخيرات سيناء.
***
قرر الوفد الإسرائيلي مغادرة كامب ديفيد فجرا دون توقيع أو تنازل رغم ما قيل عند مؤدلجينا من فرح اسرائيل بتلك الاتفاقية لولا إصرار الرئيس كارتر على إنجاح المؤتمر. ويروي وزير الدفاع وايزمن في مذكراته ان ما اضطرهم للبقاء والتوقيع هو زيارة السادات المحرجة لهم ولولا تلك الزيارة لفشلت المفاوضات ولكانت سيناء على الأرجح حالها حال الجولان والخوف من منهاجية ثورية مدغدغة جديدة تضيعها مرة اخرى كما اضاعتها ثورية 52 مرتين والثالثة كما يقال ثابتة.
***
مستقبل سيناء وقبلها مستقبل مصر مرتبط بما سيفعله الرئيس القادم، فهل سيرجع «الناصري» حمدين صباحي مصر للنهج الناصري القائم على التأميم ومحاربة الاستثمار والاعتماد على القمع وزوار الفجر والمغامرات والهزائم العسكرية؟! وهل سيتبع المرشح محمد مرسي قوانين الدولة أم تعليمات المرشد؟ كما هل سيرجع عمرو موسى مصر للسياسة الثورية التي قاد بها الجامعة العربية والخارجية المصرية والتي عبر عنها أبلغ تعبير شعبان عبدالرحيم في أغنيته الخالدة «بحب عمرو موسى وباكره إسرائيل»، وماذا عن العلاقة الخاصة التي تربط المرشحين د.عبدالمنعم أبوالفتوح ود.محمد سليم العوا بإيران وحماس، هل سينتقلان بمصر من معسكر الاعتدال الى معسكر الممانعة؟!
***
آخر محطة: (1) يتلو دائما الثورات عمليات تزييف سافرة للتاريخ تساهم في غسل مخ الشعوب، فبعد ثورة 52 المباركة قيل ان جمال عبدالناصر هو اول رئيس مصري لمصر منذ أيام الفراعنة والحقيقة ان كل من حكم مصر منذ ذلك التاريخ السحيق هو مصري كونه ولد وعاش في مصر ومن هؤلاء الملك فاروق ومن أتى قبله ولا يعتد هنا بالأصول وإلا لاعتبر جمال عبدالناصر بن حسين بن خليل بن سلطان التميمي (هذا اسمه بالكامل) القادم من قرية قبيلة آل مرة سعوديا بحكم الأصل حاله حال رجل الاقتصاد المعروف طلعت حرب أو الحربي كونه ينتمي إلى قبيلة حرب السعودية حسبما جاء في كتاب ذكرياته.
(2) ومادمنا في قضية أصول الرؤساء ومرشحي الرئاسة لدي صديق مصري مقرب شديد التدين على صلة وثيقة بمرشح الرئاسة السابق حازم أبواسماعيل وعائلته المقيمة في أميركا ويقول لي ان شقيقة حازم الأميركية وهي امرأة متدينة تشعر بحرج شديد مما يفعله وتضيف انه لو تم سؤالها فلن تكذب وستبلغ السائل ان والدتهم أميركية وحازم يعلم ذلك الأمر تماما، لذا رفض اكثر من مرة ان يقسم على المصحف في المسجد وعلى الملأ فيما يخص جنسية والدته، كما يرفض الحديث عن مصدر ما يصرف على حملته الانتخابية من أموال هائلة خاصة انه لا يحظى بدعم الجهات الرسمية من الإخوان والسلف.