في مصر والعالم الاسلامي ضجة كبرى على هامش زيارة مفتي مصر د.علي جمعة للقدس والصلاة في المسجد الاقصى، وكان الشيخ القرضاوي قد أفتى بحرمة الذهاب للقدس المحتلة ومثله الراحل البابا شنودة الثالث رغم ان عددا من الاقباط زار القدس بعد رحيله وهو ما يعتبره البعض دلالة على تغيير الوضع بتغيير المرجعية.
***
وكنت قد استمعت خلال زيارتين قمت بهما للقدس عن طريق الضفة من المقدسيين خاصة واهل الضفة عامة إلى طلب لحوح بدعوة المسلمين والعرب والخليجيين للاستثمار والسياحة في فلسطين دعما لصمود اهلها، كما استمعت من الرئيس محمود عباس شخصيا خلال اكثر من لقاء معه في الضفة إلى نفس الدعوة والتي قال ضمنها: ان زيارة السجين لا تعني الاعتراف بالسجان، واستمعت له مرة اخرى وهو يكرر في الجلسة المغلقة للقمة الاخيرة في بغداد ويضيف ان القدس قد احتلت لمدة 200 عام ابان الصليبيين ولم تخرج فتوى واحدة من شيوخ الاسلام في ذلك العصر تجرم زيارتها، كما احتلت مكة من قبل القرامطة ونقل حجرها الاسود الى البحرين ولم تصدر كذلك فتاوى من بغداد عاصمة الدولة العباسية تمنع الحج والعمرة لها.
***
واستمعت في غزة من د.اسماعيل هنية للرأي الآخر أي الحث على عدم زيارة الضفة والقدس وهو امر كرره السيد خالد مشعل اثناء زيارتنا له في منزله بدمشق مع وفد جمعية الصحافيين الكويتية وقد وجه لنا السيد مشعل سؤالا مفاده: هل كنتم ترضون ابان احتلال صدام لبلدكم عام 90 زيارة الاعلاميين والسائحين للكويت؟! وقد كانت اجابتي قاطعة بـ«نعم» فقد كان ما يغضب شعب الكويت ابان الاحتلال الصدامي البغيض هو زيارة المسؤولين والاعلاميين لبغداد وعدم توجه احد منهم للكويت ليرى كم القمع والقتل والنهب والخراب والدمار الذي كان يقوم به جلاوزة نظام صدام ولو زارنا احد ونقل الصورة الحقيقية لما يحدث لما وقف كثيرون مع القاتل ضد.. الضحية!
***
إن أحد اشكالات العرب الحقيقية قضية الافتاء عن بعد فالشيخ القرضاوي، اطال الله في عمره ،لم يزر القدس والضفة ليرى بالعين المجردة معاناة شعبها مع الاحتلال كما رأيناه، ولم يرقب هو وغيره ظاهرة المستوطنات الخرسانية الضخمة التي تتضاعف مع كل يوم يمر في القدس والضفة، ولم يصل كحالنا في المسجد الابراهيمي بالخليل مع مفتي فلسطين ويدخل في عراك مع المستوطنين المسلحين الذين احتلوا بشكل دائم ثلثي المسجد ومن يعتبرون الاكثر تطرفا وشراسة مقارنة بغيرهم. عدم زيارة القدس والضفة سيتسبب بجهل او بعلم في ضياعهم والتراجع عن فتوى خاطئة فضيلة اما الاصرار عليها فيثير الشك والريبة والحديث عن احتمالية الصفقة!
***
آخر محطة:
1) الافتاء عن بعد هو تماما الوجه الآخر للكتابة عن بعد حيث يعتبر اكبر فرسانها وممارسيها هو الاستاذ هيكل الذي يكتب عن القضية الفلسطينية ولا يعني نفسه بزيارة غزة التي تبعد سويعات قليلة بالسيارة عن القاهرة، ويكتب عن احوال العراق ولم يزر شمالها ووسطها وجنوبها كما زرناه، والحال كذلك مع كراهيته الشديدة للدول الخليجية (دول الاطراف!) التي دعوناه اثناء لقائنا به مع الاعلامي المصري جمال عنايت لزيارتها ليصحح افكاره الخاطئة عنها فرفض بل حتى ان لقاءاته مع قناة «الجزيرة» تسجل في مصر لا قطر، وهو امر يمتد لأحاديثه وكتاباته الاخرى في الشأن العربي بينما تنحصر كل زياراته ولقاءاته في لندن وواشنطن وللأموات من المسؤولين ممن يعتمد عليهم كثيرا في كتبه واحاديثه ومقالاته.
2) الاستاذ هيكل هو الوحيد الذي يذكر ويفخر بأنه «منكر حسنه» اي ناكر للاحسان فضمن سلسلة كتبه الاخيرة الطاعنة والقادحة بالرئيس حسني مبارك يذكر في احدها ان مبارك اتصل به اثناء مرضه عارضا عليه التكفل بعلاجه في واشنطن على حسابه الخاص ولكنه رفض، ما لم يعلمه الرئيس ان ثروة المتصل به وابنائه اكبر بكثير من ثروة المتصل وابنائه!