سامي النصف

في مصر 25 = 52!

  ما يحدث هذه الأيام أي بعد ثورة 25 يناير يتطابق تماما مع ما حدث بعد ثورة (انقلاب) 52 حيث خرجت الملايين آنذاك تؤيد التحالف الذي قام بين العسكر والإخوان قبل افتراقهما، حيث تم استثناء الاخوان من قانون العزل السياسي وكان الشهيد سيد قطب أول من سمى الانقلاب بالثورة وطالب بالشدة واعتماد الشرعية الثورية لا الشرعية الدستورية في محاربة أحزاب ما قبل الثورة واعتماد مبدأ الحزب الثوري الواحد لا الأحزاب وكتب في 10/9/1952 في روز اليوسف بعد صدور حكم الإعدام الظالم على مصطفى البقري ورفاقه «ان يموت 10 أو 20 خير من أن تفنى الثورة» وقد استخدمت القوانين الاستثنائية كالغدر والتطهير والعزل فيما بعد ضد الاخوان في عامي 54 و65 وذهب ضحيتها من طالب بها.. وما اشبه اليوم بالبارحة.

***

ومن متشابهات ثورتي 25 يناير ويوليو 52 الرغبة المحمومة في الاستئثار بالسلطة ورفض مشاركة الآخرين واستخدام المظاهرات الشعبية والاعتصامات في ميدان التحرير للوصول الى الهدف، وخلق دستور جديد يخدم احد الاطراف، ويشبه تعدي رجال مرشح الأحلام حازم أبو إسماعيل هذه الأيام على مجلس رئاسة الدولة، بتعدي مرشح بيع الأحلام آنذاك جمال عبدالناصر على مجلس رئاسة الدولة وضرب الدكتور الجليل عبدالرزاق السنهوري من قبل المرتزقة والمأجورين عام 54 وكانت تلك بداية الديكتاتورية التي دمرت الاخضر واليابس.

***

ومن المقاربات بين الثورتين تدهور الحالة الاقتصادية ومعها سعر صرف الجنيه المصري الذي كان يعادل 3.5 دولارات، ونفاد احتياطي النقد الأجنبي والذي نتج عنه التحول من الاقتصاد الحر إلى الاقتصاد المقيد وبدء الطوابير الطويلة للحصول على ادنى مستلزمات الحياة كالخبز والرز والبيض والفراخ وهي طوابير مذلة للكرامة لم تكن موجودة في عهد ما قبل ثورة 52 السعيد، وما تلاها من عمليات تأميم لكل شيء، والتي نتج عنها تفشي الفساد وتجارة الشنطة.

***

ولم ير من كان يعيش في العام الأول بعد ثورة 52 بعد ما هو قادم من مآس وحروب وكوارث وانشطار اراضيه (انفصال السودان التي كانت جزءا من مصر) وتقلص الحريات العامة تدريجيا حتى ضاقت السجون بالمعتقلين وانتشر زوار الفجر ممن يحصون ويحاسبون كل مواطن مصري على انفاسه وكلماته، واستبدلت الانظمة القمعية التي جعلت خلق حياة ديموقراطية كريمة الهدف الرابع من أهداف الثورة الستة إخفاقاتها في الداخل بحروب وعمليات تأزيم متواصلة مع القوى الكبرى في الخارج وهناك احتمال كبير لعودة التأزيم مع الخارج (محاربة الشيطان الأكبر) مع وصول بعض المتشددين للحكم في مصر وما يصاحبها بالتبعية من استخدام سياسة اليد الحديدية في الداخل، حيث… لا صوت يعلو فوق صوت المعركة.

***

آخر محطة:

1 ـ العزيزة مصر اشبه هذه الأيام بطائرة قام ركابها بعزل قبطانها الطيار حسني مبارك ثم اختلفوا وهم بالجو على أي «من المرشحين سيرسلونه بدلا منه لكابينة القيادة وأحد الإشكالات القائمة ان أغلب المرشحين لا يملكون التأهيل والخبرة اللازمة للوصول بالطائرة إلى مطار الأمان خاصة ان في الأفق عواصف واعاصير ومطبات قوية تحتاج إلى قائد طائرة محنك للخروج منها بأقل قدر من الأضرار.

2 ـ من الإشكالات الأخرى أن القلة القليلة ذات الخبرة المؤهلة لقيادة الطائرة بشكل آمن أمثال المرشحين سليمان وشفيق مهددة بالعزل بسبب تشريعات غير دستورية تم تفصيلها من قبل «ترزية» القوانين على مقاسهم بالضبط، إشكال آخر هو أنه وأثناء اختلاف الركاب وتجمهرهم بدأ الوقود اللازم لاستمرار تحليق الطائرة (ونعني احتياط العملات الأجنبية لبلد يستورد كل شيء) ينفد بسرعة دون أن يعيره أحد أي اهتمام.. وكان الله في عون الطائرة وركابها مما هو قادم.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *