في عالم يمتلئ بالنزاعات السياسية والاضطرابات الأمنية والفواجع الاقتصادية، بات الشعر والثقافة والفكر والأدب الدافع الرئيسي للسلام والإشعاع الحضاري الذي يوحد امم الأرض ولا يفرقها، ويعطي مجالا لأرق وأفضل المشاعر الإنسانية للانطلاق والظهور لتحل محل أبغض وأبشع المشاعر كالحقد والبغضاء والكراهية التي تؤدي الى الحروب والكوارث.
***
حضرت خلال اليومين الماضيين في مدينة «فيرونا» الإيطالية الساحرة التي تشتهر عالميا بقصة الحب الخالدة بين روميو وجولييت، فعاليات أكاديمية الشعر العالمي التي يضم مجلس إدارتها كبار الشعراء في العالم والتي يرأسها الأديب الكويتي عبدالعزيز البابطين والتي كان من رؤسائها السابقين الرئيس والشاعر السنغالي الراحل ليوبولد سنغور، وحفل توزيع جوائز مهرجانها الحادي عشر الذي حضره جمع كبير من الشخصيات الأدبية والسياسية الإيطالية والأوروبية والعالمية.
***
وقد حاز جائزة الشاعر «كاتلو» وهو اكبر شاعر لاتيني كل من الشاعر الأديب مونتاني الحائز جائزة نوبل للآداب، والشاعر والدكتور عبدالعزيز الخوجة وزير الثقافة والإعلام السعودي وهو اول عربي يحوز تلك الجائزة الأدبية العالمية الرفيعة المستوى، وقد ألقى الصديق عبدالعزيز البابطين كلمة معبرة جدد من خلالها البيعة للشعر كأمير أمراء الفنون وملك ملوك الإبداع، ومما أوضحه ضمن كلمته كيف كانت ومازالت الصحراء بنقائها وصفائها معينا لا ينضب للشعر العربي، خاتما كلمته بالآية الكريمة: (ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء) لإظهار ان الإسلام دين محبة وسلام يعتمد على الكلمة الطيبة المثمرة للتواصل مع الآخرين.
***
وقد ختم الحفل بعمل أدبي رائع هو إلقاء قصيدة «الرنغا» وهي فكرة للأديب البابطين طلب خلالها قبل عام من أكاديمية الشعر ان تكتب قصيدة عالمية واحدة بلغات مختلفة تدعو للسلام بين الأمم ينظمها كبار الشعراء في القارات الخمس تستوحى من التراث الياباني، وقد شارك في الكتابة والإلقاء كل من عبدالعزيز البابطين من الكويت وياشرو تسموتو من اليابان وناتالي هاند من اميركا وجايا سافج من استراليا ولويجي ناسي من ايطاليا وليبو اوديكا من نيجيريا، وتلا ذلك حفل موسيقي راق مس شغاف القلوب شارك فيه عازفون من عدة دول.
***
وهناك فكرة تدرسها مؤسسة عبدالعزيز البابطين مع شخصيات عربية بارزة في أوروبا، وعلى رأسها الدكتور المثقف محمد نادر عزيزة لخلق جائزة إبداع تقام كل عام في جزيرة صقلية الإيطالية باسم الشاعر العربي ـ الإيطالي عبدالجبار بن حمديس الصقلي المولود في سرقوسة الإيطالية والمتوفى في مايوركا الإسبانية والقائل «ذكرت صقلية والأسى يهيج تذكارها، فان كنت خرجت من جنة فاني أحدث أخبارها»، ونرجو ان يلقى هذا المشروع الواعد الدعم والمؤازرة من الجهات المختصة في الدولة.
***
آخر محطة:
(1) الشكر الجزيل للقنصل العام التونسي في ميلانو الرائع فوزي الورتاني ومساعده علي المحمودي وللدكتور التهامي على الجهد المميز الذي قاموا به إبان إقامتنا في فيرونا، وليس غريبا على الأحبة التونسيين هذا الود والحميمية لإخوتهم في الكويت والشكر موصول لممثل «كونا» في إيطاليا الأخ مهدي النمر.
(2) نغادر اليوم الى بلد الشعر الشابي والتراث القرطاجي والقيرواني والروماني تونس الخضراء للقاء القيادة السياسية هناك.