سامي النصف

الخليج مشغول بالعمل ونحن بالجدل.. العقيم!

  يروى أن ستة أصدقاء خرجوا في رحلة الى الغابة، وبينما هم ساهرون سمعوا صوت أسد جائع يقترب من خيمتهم، فبدأ خمسة منهم يلبسون أحذيتهم الرياضية، بينما بقي السادس على سريره جامدا لا يفعل شيئا حتى قارب الأسد الجائع الباب، فسألهم زميلهم الكسول: لماذا تلبسون أحذيتكم الرياضية، ألا تعلمون يا أغبياء أنكم لن تسبقوا الأسد؟! فأجابوه بصوت واحد: نعلم ذلك يا ذكي، ولكننا نلبس الأحذية كي نسبقك أنت ليتسلى الأسد الجائع بك!

***

يمكن تشبيه الأصدقاء الخمسة بالدول الخليجية الشقيقة التي أضحت ورش عمل جادة تطور البشر وتعمر الحجر، بينما يمكن في المقابل تشبيه صديقهم الكسول السادس بدولتنا الفتية التي استبدلت، ومنذ عقود، العمل الجاد بالجدل واللغو والأزمات السياسية المتكررة، والتي أصبح أبطالها الكبار وقدوة أبنائها الصغار لا العقلاء والحكماء والجادين والمنجزين، بل الأكثر سفها وسخفا وحمقا والأقل عملا وإنتاجا والأكثر لغوا وجدلا وصياحا وصراخا.

***

وقد تسبب المسار الجاد للأحبة والأشقاء من الدول الخليجية خلال الأربعة عقود الماضية، وتحديدا منذ منتصف السبعينيات، في تقدمهم السريع وتجاوزنا في النهضة والتقدم بمراحل عدة، بينما تسبب انشغالنا الدائم بالمعارك السياسية التي لا تنتهي في تخلفنا واستفرادنا دون غيرنا بالأزمات الأمنية (الغزو والتفجيرات وخطف الطائرات) والاقتصادية (المناخ وكوارث البورصة المتكررة) والسياسية الخطيرة القائمة حتى اليوم دون أن نرى أمورا مشابهة لديهم.

***

ومازال شعبنا الطيب وبذكاء شديد تحسدنا عليه أمم الأرض الأخرى، ينجح ويرفع على الأكتاف أبطالنا الزائفين المهددين والمتوعدين الكويت وشعبها (الواعي) بإيقاف حالها عبر الأزمات والاستجوابات والمسيرات والاعتصامات والإضرابات المتتالية، ويعادي شعبنا الطيب حتى النخاع من يطالبنا بالهدوء والتفرغ للعمل لا للجدل.. وهيك ناس بدهم هيك أبطال.. مؤهلين ومدربين لتدمير وتخريب حتى بلد بحجم الصين!

***

آخر محطة:

(1) أولى خطوات الإصلاح والنهضة هي ضرورة أن ينقلب رأسا على عقب «المزاج العام» الجاهل والمؤيد للتأزيم والاستجوابات والتناحر الدائم، دون أن يعي المناصرون ما في ذلك من خطورة شديدة عليهم وعلى وطنهم ومستقبلهم، الى مزاج عام واع جديد، يرفض ويمج ويعادي التأزيم والمؤزمين سواء كان من الأغلبية أو الأقلية لا فرق، فالضرر القائم والقادم لا يميز بين زيد أو عبيد!

(2) البلد أصبح وبحق كالسفينة التي تتقاذفها الرياح وترمي بها من صخرة الى صخرة.. إن نجت نجا الجميع، وإن غرقت.. غرق الجميع!

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *