أولى خطوات هدم الدستور تمت عندما خالفنا رغبة الآباء الحكماء المؤسسين ورفضنا تعديل لوائحه للحد من إساءة استخدام أداة الاستجواب التي اختزل ـ عند بعض النواب ـ الدستور بها وأصبحت وسيلة للتدمير لا التعمير ونشر الفساد لا محاربته.
ثاني خطوات الهدم قامت عندما رفضنا خلق أداة لمحاسبة ومعاقبة النواب الفاسدين وجعلنا النائب في منزلة من لا يحاسب قط عن عمله وأضفنا لـ «حصانته» مبدأ «عصمته»، وما بين الاثنين تفشى الفساد التشريعي وتم شراء الذمم وفسد الملح الذي ما وضعناه إلا لـ «محاربة الفساد»!
ثالث خطوات هدم الدستور عندما قبلنا الكوميديا السوداء المسماة «وراهم وراهم.. عليهم عليهم» اي ملاحقة المسؤول والإساءة إليه ومحاسبته على خطأ موظفيه وكأنه يقود وزارة من الملائكة.
رابع خطوات هدم الدستور عندما أعطيناه قدسية لم يقل بها آباؤه المؤسسون ورفضنا تنقيحه وتعديله إلى الأفضل خوفا من ان يتسبب ذلك التعديل في الحد من المغانم والمكاسب التي يحصدها رافضو التعديل.
خامس خطوات هدم الدستور ومعها اهم اسس هدم مبادئ العدالة الانسانية عندما ارتضينا مبدأ الحكم قبل المداولة اي الاستجواب قبل تعيين الوزير وقسمه وسحب الثقة قبل التعيين.
سادس خطوات هدم الدستور عندما جعلنا احكام وتفسيرات محكمته الدستورية صورية وغير ملزمة وما فائدة محكمة نأخذ او لا نأخذ بأحكامها وتفسيراتها؟!
سابع خطوات هدم الدستور عندما استخدمناه لتعطيل عمليات التنمية وإيصال غير الأكفاء عبر الواسطات، وقد سقطت دولة بحجم الاتحاد السوفييتي بسبب طلب أعدائها من عملائها أن يحرصوا على ابعاد الاكفاء والاذكياء فهل هذا هو السبب الحقيقي لاستقصاد الوزراء والمقتدرين بالاستجوابات والسكوت عمن عداهم؟!
ثامن خطوات هدم الدستور تقوم على استخدام الحريات التي وفرها لنشر الفوضى والفرقة والفتن بين الناس وضرب الوحدة الوطنية وتقليل هيبة الدولة والإساءة لرجال الأمن.
تاسع خطوات هدم الدستور جعله وسيلة لدغدغة المشاعر وإفراغ خزائن الدولة عبر المطالبات المالية غير المعقولة كي يسهل اعلان افلاسها مستقبلا، وما المثال اليوناني عنا ببعيد.
عاشر خطوات هدم الدستور التهجم على بيته وهتك حرمة منزله وهل يرضى احدنا ان يفعل في بيته ما فعل في بيت الدستور؟!
(مقال «10 خطوات لهدم الدستور» وقد نشر يوم الأحد 20/11/2011 ونعيد نشره لنسأل هل توقف الهدم؟).
****
أثبتت التجربة البرلمانية ان الاستجواب قد تحول في الاغلب والأعم الى اداة فساد وإفساد وانه يوجه عادة الى المسؤولين الأكفاء والأمناء بقصد إبعادهم ومنع الوطن من الاستفادة من قدراتهم، والسبب في تلك الظاهرة الفريدة ان المسؤول الكفؤ الأمين لا يمرر الطلبات والخدمات والتجاوزات والواسطات، لذا يحق في العادة استجوابه وبهدلته على امور لا ذنب له فيها، ويتساءل البعض عما يخيف المسؤول من الاستجواب مادام ليست لديه تجاوزات والحقيقة ان اهم الاسباب الطابع الكرنفالي للاستجواب الذي تتفرد به الديموقراطية الكويتية وتحويل الاستجوابات الى حفلات ردح وشتم وإساءة للمسؤول المستجوب الذي لديه عائلة وأبناء وأصدقاء في غياب لجان القيم التي يفترض ان تحاسب النائب المتعدي، إضافة الى القبول بمبدأ الحكم المسبق قبل سماع الرأي والرأي الآخر.
(من مقال «الاستجواب المطلق فساد مطلق» المنشور في يوم السبت 8/10/2011).
****
آخر محطة: رغم وفرة الشكاوى من أداء مجالس الأمة المتعاقبة وما ذكرناه وما يذكره غيرنا في هذا الخصوص، إلا أن الأمر يبقى دون تغيير او تعديل او تطوير، ويستمر هناك من «يبرر» دائما الممارسات الخاطئة بحجج مختلفة بدلا من القيام بـ «تصحيحها».