ذكرنا في مقالات سابقة ان مخطط تدمير الكويت يسير على قدم وساق، وأن من اعمدته الرئيسية بدء العمل بالحكومة الشعبية وقيام الاحزاب التي ستوصلنا في النهاية للحرب الاهلية، فشعبنا ليس اكثر ثقافة وفهما من اللبنانيين والعراقيين والصوماليين وغيرهم من البلدان التي دمرتها الحزبية العربية، لذا سنتناول موضوع مشروع قيام الاحزاب على شكل.. سؤال وجواب:
****
سؤال 1: ما مدى صحة ما يروجونه من ان العملية الديموقراطية لا تكتمل الا بقيام الاحزاب؟
٭ قطعا لا علاقة للديموقراطية، وهي عملية سياسية معقدة ومتعددة الاشكال والالوان والاستحقاقات، بالأحزاب، بدلالة ان كل الدول الشيوعية والبعثية القمعية كحال عراق صدام حسين كانت تمتلئ بالاحزاب وتجرى فيها الانتخابات دون وجود اي ديموقراطية او حرية، في الوقت الذي قامت فيه ديموقراطيات وحريات كاملة الدسم في بلدان مثل ليبيا الملكية والكويت، دون وجود احزاب ودون ان ينتقص ذلك من الحريات الاعلامية والحراك السياسي في البلدان المعنية.
****
سؤال 2: ما الاضرار الماحقة لقيام الاحزاب في الكويت؟
٭ قيام الاحزاب سيعطي كحال لبنان وغيرها الشرعية والقانونية للانتماءات الفئوية والطائفية والقبلية، حيث ستشكل الاحزاب انعكاسا للتخندقات القائمة ولن يمكن لنا بعد ذلك التخلص منها كما نأمل ونرجو، ولا يمكن في هذا السياق اعطاء الامثلة بالحياة الحزبية القائمة في الدول المتقدمة لاختلاف المعطيات تماما ونصبح بذلك كمن يقارن العنب لا بالعنب بل بالبطيخ، المثال الواقعي الذي يدل على الكيفية التي ستعمل بها الحزبية الكويتية التي يروج لها هو المثال الصومالي واللبناني والعراقي واليمني.. الخ.
****
سؤال 3: ما ردك على من يقول اننا سنضع مواد في قانون الاحزاب تمنع تكوينها على معطى فئوي أو طائفي أو قبلي؟
٭ جميع التشريعات في التجارب الحزبية العربية المدمرة تمنع تكوينها وعملها على تلك المعطيات، غير ان الواقع المعيش شيء آخر، فعلى الرغم من ذلك المنع فإن الحزب التقدمي الاشتراكي على سبيل المثال هو حزب درزي، والكتائب ماروني، وامل شيعي، والمستقبل سني، والحال كذلك مع الاحزاب العراقية وهو شبيه ببعض جمعيات «النفع العام» الكويتية التي وجدنا انها تحولت رغم القوانين التي تمنع ذلك الى كيانات طائفية وفئوية وقبلية (الاصلاح، التراث، الثقافية، الامة.. الخ)، فكيف تتأتى مصلحة الكويت عبر.. تقنين تلك التخندقات وتحويلها الى احزاب شرعية قائمة؟
****
سؤال 4: كيف يمر مشروع تخريب الكويت وتدميرها بدعاوى السماح بالحزبية؟
٭ الداعون للحياة الحزبية نوعان، الاول ساذج مؤمن بمبدأ «مع الخيل يا شقرا» والثاني يعلم تماما ما يفعل ومن ثم لديه يقين بأن التجربة الحزبية ستحولنا الى شيع ومجاميع تحمل السلاح وتتقاتل للحصول على جائزة الحكم والاستحواذ على الميزانية العامة للدولة التي ستسفك دماء الكويتيين انهارا للوصول إليها كما حدث في دول المنطقة الاخرى.
****
سؤال 5: ألن يمكننا قيام الاحزاب من مراقبة ميزانيتها بدلا من الوضع القائم؟
٭ في الوضع القائم تراقب الدولة اغلب ميزانيات الكتل عبر مراقبة اموال جمعيات النفع العام التابعة لها، كما يمكن اصدار تشريعات بالرقابة المباشرة واللصيقة لأموال الكتل السياسية، اما ضمن الحياة الحزبية فستنعدم الرقابة تماما نظرا لأن «الحزب الحاكم» لن يسمح بإصدار او تطبيق تشريعات تراقب ميزانيات الاحزاب، وهو ما سيفتح الباب واسعا لتدخل الدول الاخرى في الحياة السياسية الكويتية، وهو الامر الذي يُشتكى منه هذه الايام في مصر وليبيا وتونس واليمن والعراق ولبنان والصومال.. الخ، والحقيقة ان الآخرين هم خير من يدفع وجماعتنا رغم دعاوى الوطنية والامانة الزائفة هم.. خير من يقبض، وقد يكون هذا هو الهدف الحقيقي لدعاوى إنشاء الاحزاب.
****
سؤال 6: السماح بالحزبية سيوصلنا بالتبعية للحكومة الشعبية ومشروع الدائرة الواحدة، أليس هذان مشروعين رائعين للناس؟
٭ بالقطع لا، فالحكومة الشعبية او الحزبية ـ لا فرق ـ هي من تتسبب في ردة الشعوب عن الديموقراطية في العالم العربي، حيث ارتبطت بمفهوم «الاستباحة»، فبمجرد ان يفوز الحزب الكويتي المعني الممثل لفئته او طائفته او قبيلته مستقبلا يستبيح كل الوزارات ومعها الميزانية العامة للدولة، ولن يأمن احد على وظيفته ومصدر رزقه وهو امر جربناه في الكويت في الوزارات التي تقلدها بعض الوزراء الشعبيين رغم علمهم بالقدرة على محاسبتهم من قبل رئيس الوزراء او البرلمان، ولنا ان نتصور ما سيفعلونه ومقدار الاستباحة التي سيقومون بها عندما يصبح رئيس الوزراء واغلبية البرلمان من نفس حزبهم! الارجح ان الناس ستنام في الشوارع، اما مشروع الدائرة الواحدة المدمر فيكفي كدلالة على خطئه انه غير موجود في الديموقراطيات الاخرى، فهل عباقرتنا افهم بالعمل الديموقراطي من الآخرين؟ الاجابة سهلة!
****
آخر محطة:
1 ـ لنعلم كيف يتم التلاعب بمصير الكويت وشعبها كما يتلاعب الطفل بألعابه، نتذكر ان هناك من ارتضى نظام 25 دائرة لمدة عشرين عاما حتى اتت نتائج انتخابات 2003 لتجعلهم الثانين بدلا من الاوائل في دوائرهم، لذا طالبوا بالتحول الى مشروع الدوائر الخمس لا للمصلحة العامة بل لمصلحة شخصية معتقدين ان توسيع الدوائر سيمنحهم المزيد من الاصوات ويحرم منافسيهم منها.
2 ـ مع بداية تجربة الدوائر الخمس التي دعوا اليها وأنزلوا الشباب المغرر بهم للشوارع وكادوا يحرقون البلد لأجلها، اظهرت نتائج انتخابات 2008 انصراف الناس عنهم حتى كادوا يسقطونهم، لذا دعوا وتلك التجربة مازالت تحبو للتحول الى مشروع الدائرة الواحدة غير المعمول به في العالم اجمع، واضافوا آنذاك انهم يعلمون حسب قولهم ان ما يدعون اليه قفزة الى المجهول!
العاقل هو من يقفز بالوطن من المعلوم الى المعلوم، و«الخبل» فقط هو من يقفز بالوطن من المعلوم الى المجهول.. ولا حول ولا قوة الا بالله.