نحمد الله على ان سمو الأمير ـ حفظه الله ـ حفظ للكويت كرامة أمير المستقبل سمو الشيخ نواف الأحمد عبر تكليف الشيخ جابر المبارك بتشكيل الحكومة، فمن يدعي ان الجمع بين ولاية العهد ورئاسة الوزارة يحصن المنصب الأخير من التجريح والتعدي عليه ان يتذكر كم أصاب الشيخ سعد العبدالله رحمه الله من أذى وأزمات سياسية متتالية رغم جمعه للمنصبين، فصل الحكم عن الحكومة أمر محق ومثله تسييد مبدأ ان الحكم أهم من الحكومة.
***
كلمة يجب ان تقال بحق الشيخ ناصر المحمد الذي تعرضت حكوماته لظروف غير طبيعية، فقد كان راقي الأخلاق عف اللسان لم نسمع منه قط كلمة نابية او جارحة بحق مخالفيه والمتهجمين عليه، ويكفي ان أكبر عيوبه بنظر خصومه كرمه وسخاء يده ومساعدته لمن يقصده من المواطنين، والحق ما شهد به الأعداء قبل الأصدقاء.
***
عام جديد وحكومة جديدة برئاسة الشيخ جابر المبارك الذي عرف عنه الحكمة في الرأي والحسم في القرار والطهارة في اليد والصفاء في السريرة، ومطلب من الشعب الكويتي كافة بأن نعيش فترة هدوء تام تستمر لأعوام كي يمكن لبلدنا ان يتفرغ للإنماء والبناء وخلق مستقبل واعد للأبناء بعد ان ضاعت علينا عشرات السنوات في صراعات وأزمات سياسية متلاحقة لا فائدة منها على الاطلاق أبقت طائرتنا قابعة ساكنة في المطار وطائرات الجيران تحلق سريعا في سماء الانجاز الأقرب للاعجاز.
***
أخيرا، ان كانت أعين بعض النواب الأفاضل مفتوحة كما ذكروا على اعمال الحكومة التي لم تشكل بعد (!) فإن أعين الشعب والناخبين مفتوحة على هؤلاء النواب، فإن استمروا في التهديد والوعيد والتأزيم المتواصل ثبت بما لا يقبل الشك مظلمة رئيس الوزراء المستقيل وثبت معها صدق مقولة ان التأزيم مطلوب لذاته تحقيقا لمكاسب شخصية وليس منها مصلحة الوطن وهو أمر خطير جدا يستحق من يقوم به المحاسبة الشديدة.
***
آخر محطة:
(1) نشرت الزميلة «القبس» في عدد أمس مؤشرات الشفافية ومحاربة الفساد الدولية، والملاحظ من قراءة الجداول ان دولنا الإسلامية تحتل وبجدارة كبيرة مؤخرة تلك المؤشرات في وقت تحتل فيه الدول العلمانية والليبرالية مقدمتها، ملاحظة أخرى هي ان الدول الخليجية «غير الديموقراطية» تحتل ومنذ سنوات طوال مقدمة قائمة مؤشرات الشفافية في المنطقة، بينما يقبع بلدنا العريق بالديموقراطية والذي يمتاز باستقلال القضاء والحريات الإعلامية ووفرة الأجهزة الرقابية ووجود جمعيات للشفافية والحفاظ على المال العام في مؤخرة الركب.
(2) أسئلة تطرح نفسها بناء على تلك المؤشرات المستمرة منذ سنوات منها: ما فائدة وجود كل تلك الأجهزة الرقابية التي تكلف الدولة مئات الملايين كل عام إذا لم تستطع الحد من الفساد؟! وهل هذه الأجهزة جزء من الحل ام انها باتت جزءا من المشكلة بعد اقتناع الناس باستشراء الفساد في بعض الأجهزة الرقابية كالسلطة التشريعية وغيرها؟ وإذا كان كل هذا الفساد قائما مع وجود كل تلك الأجهزة فماذا كان سيحدث لو كنا كالأشقاء دون أجهزة رقابية ودون حريات اعلامية تفضح المستور؟! الأرجح لن يبقى كُحل او حتى رمش في العيون.. دون سرقة!
(3) السبب الرئيسي لانتخاب الناس للأحزاب الاسلامية في دولنا العربية والإسلامية هو الاعتقاد الراسخ بطهارتهم ومحاربتهم للفساد، الغريب ان ايران والسودان وأفغانستان وحتى العراق المحكوم بأحزاب اسلامية يحتلون المراكز الأخيرة في مؤشرات الفساد الدولية.. يعني «لا طبنا ولا غدا الشر»!