يظهر التاريخ الحديث أن الشيوعيين «المسالمين» ما إن يصلوا إلى الحكم حتى يتحولوا إلى وحوش كاسرة تقتل وتقمع وتسرق من يدعون الدفاع عنهم من الضعفاء، رغم تلك الحقيقة المرة إلا أنني أجد نفسي متعاطفا إنسانيا مع من تعرض منهم للقمع والسجن ومن هؤلاء المهندس المعماري الماركسي المصري فوزي حبشي وزوجته ثريا، الذي اعتقل في عهد الملك فاروق ثم نجيب ثم عبدالناصر ثم السادات وأخيرا مبارك وزار كل معتقلات مصر من الهايكستب أيام الانجليز حتى ابوزعبل وليمان طره.
* * *
يذكر المهندس فوزي حبشي في كتابه «معتقل كل العصور» روايات اعتقاله التي اختص بها دون زوجته، عدا عهد عبدالناصر حين سجن الاثنين عدة سنوات تاركين اطفالهما الثلاثة دون رعاية ويتضمن الكتاب رسائل الغرام بين الزوجين ويذكر الكاتب انهما وصلا الآن الى العقد التاسع من عمرهما ولازالا في حالة حب وعشق وانهما لا يندمان على سيرة حياتهما وكفاحهما وعذابهما، ومن الطرائف ان زوجته ثريا قامت في صباحية يوم زواجهما منتصف الأربعينيات بترؤس اجتماع لخليتها الشيوعية في بيتهما بحجة ان القلم السياسي لن يشك قط في ذلك الاجتماع.
وفي كتاب لن أذكر اسمه او اسم مؤلفه لأسباب متعلقة بالفقرة التالية يضمنه المؤلف رسائل غرام تمت في الثلاثينيات بين عبدالستار الهلالي وام كلثوم قام على اثرها بطلبها لبيت الطاعة مما اثار ضجة كبرى في مصر، ونتج عن القضايا بينهما سجنه وقتله ابان اعتقاله وقد اتهم اهله الراحلة ام كلثوم بأنها من يقف خلف حادث خنقه كما اتهمت لاحقا بقتل المطربة اسمهان، أهل الهلالي كشفوا انه لم يكن مغرما بالراحلة الكبيرة كما يذكر في الرسائل حيث ان زوجته كانت اجمل نساء مصر قاطبة وان السبب الحقيقي هو رغبته الشديدة في الانتقام لقيام ام كلثوم بالتندر واطلاق النكت على الصعايدة.
* * *
ولأن الحب ليس حراما وخاصة ممن هم في مقتبل العمر إبان زمن الرومانسية الجميل، نجد ضمن الكتاب رسائل لشخصية كويتية أطال الله في عمرها لحبيبته المصرية ليلى أو «لي لي» مكتوبة بخط جميل على ورق مطبوع عليه اسمه، ضمن تلك الرسائل واحدة مؤرخة في 12/3/1959 يعتذر لها عن قلة الرسائل بسبب الرقابة على البريد في مصر، كما يعتذر عن قلة الاتصالات بسبب فرض الأمن العام في الكويت الرقابة على الهواتف بعد ثورة العراق وما سيحصل لهما من تشنيع إذا ما سمع ـ صاحبنا ـ تلك المكالمات، ويشرح في رسالة اخرى مدى وحدته بسبب سفر العائلة الى لبنان وسفر ابوسعدون وصالح واحمد، وينهي الرسالة بنقل السلام لوالدتها ولبدرية ولمن يعز عليها.. الرسائل يمكن لها ان تكون بالطبع لكويتية تحمل ذلك الاسم مقيمة في مصر آنذاك!
آخر محطة: نقلت في مقال الأحد الماضي ما كتبته جريدة «الفجر» من ان الشيخ زايد، رحمه الله، منح الرئيس مبارك 120 مليون دولار ثمنا لوقوفه مع الحق الكويتي، وقد أتت عدة ردود من قراء اعزاء توصلت بعدها وبعد البحث والتحري والتقصي لحقيقة واضحة وهي أن المبلغ دخل لحساب الدولة في مصر لا حساب مبارك دعما للجيش المصري كحال الدعم الخليجي والليبي الذي تلقاه الرئيس عبدالناصر بعد هزيمة عام 67، وما الذي نتوقع من مصداقية جريدة يديرها التلميذ النجيب لـ.. غوبلز العرب هيكل..؟!