هناك بعض البديهيات التي لا تستوعبها عقول بعض كبار حكمائنا وساستنا ومفكرينا العرب ومنها انه ليس لأحد ان يتدخل في شأن بيتك مادامت الأمور طبيعية فيه، اما إذا بدأت بتعذيب وقتل نسائك وأطفالك وقطع رؤوسهم وفصل أطرافهم فللآخرين حق التدخل دون حاجة لإذن من أحد.
***
ان ما يحدث في سورية هذه الأيام لا يمكن ان يقبل به انسان مهما قسا قلبه وأظلمت سريرته، فنحن أمام شعب يباد في وضح النهار وأمام العالم أجمع ولا يسمع شعبه المذبوح إلا صيحات ودعاوى من يدعون كذبا تعاطفهم معه ولكنهم يرفضون في الوقت ذاته التدخل الغربي الذي هو الوسيلة «الوحيدة» لإنهاء الإشكال ووقف الدماء التي تجري أنهارا هناك.
***
ولم نسمع من الانجليز او الفرنسيين إبان الحرب الكونية الثانية، او الكوريين الجنوبيين وأهل البوسنة بعدها من يعترض على قدوم الأميركان الأخيار لنجدتهم، والحال معنا في الكويت ممن كنا أكثر ذكاء وحصافة وحكمة ممن أرادوا التغرير بنا وتسويق ما سمي بـ «الحل العربي»، واسألوا شعوب العراق وليبيا وسورية واليمن هذه الأيام ان كانوا مازالوا يؤمنون بتلك الفرية الكبرى التي لم يصدقها حتى الرئيس الراحل حافظ الأسد، فأرسل قواته لتحارب كتفا بكتف مع القوات الأميركية والانجليزية والفرنسية لتحرير شعبنا في الكويت من إبادة حزب البعث العراقي له.
***
ومن الأكاذيب الكبرى الدعوة لقبول نحر وإبادة الشعب السوري بحجة الحفاظ على أنظمة «الممانعة» ودعم المقاومة، وإذا ما بعدنا عن الحديث الزائف والكلمات الساخنة التي «لا تودي ولا تجيب» وركزنا على حقيقة ما حدث منذ الستينيات حتى الآن لوجدنا ان الجبهة السورية هي الأهدأ والأبرد مع إسرائيل وان الجيش السوري لم يستخدم قط خلال نصف قرن للمقاومة والتحرير بل كان عمله الأساسي هو قتل وقمع شعوب سورية ولبنان والعراق من الوريد الى الوريد، فعن أي ممانعة ومقاومة يتحدثون؟!
***
آخر محطة: نرجو ان تظهر الشعوب العربية وكنوع من التغيير امتنانها الشديد للولايات المتحدة فلولاها لكانت تلك الشعوب أسرى وسبايا وعبيدا لجيوش هتلر الألماني وموسوليني الإيطالي وستالين الروسي وايدن الانجليزي وموليه الفرنسي وصدام البعثي ومعمر المدمر الليبي و..جيوش جيرانهم المسلمين الآخرين… وقليل من العرفان أمر لا يضر..!