أجواء سورية 2011 تشبه في بعض الأوجه أجواء لبنان 1975، حيث ابتدأت آنذاك اضطرابات أهلية في صيدا انتهت بحرب أهلية استمرت 15 عاما لم تبق حجرا على حجر ولولاها لكان لبنان احدى أغنى دول العالم قاطبة كحال سويسرا وسنغافورة ولوكسمبورغ وغيرها من مراكز خدمات مالية وسياحية لا تحتاج الى دخول نفط ناضبة.
***
ونقاط التشابه بين أمس واليوم في البلدين كثيرة ومتعددة، فهناك كراهية الناس للجيش الذي تطغى عليه صفة طائفية، وهناك تخندق الأقليات خلف المؤسسة العسكرية مما خلق ظاهرة القيادات المنشقة عن الجيش وتشكيل جيوش بديلة، إضافة الى شعور متجذر لدى قاعدة شعبية عريضة بالاضطهاد والظلم وعدم رغبة الطبقة أو الفئة المسيطرة على الحكم في تقديم أي تنازلات مما أحوج لبنان الأمس لحرب أهلية مدمرة لتقديم تنازلات كان بإمكانها ان تحل الإشكال منذ البداية في نصف ساعة!
***
وقد انقسم المجتمع الدولي والعربي بالأمس كالحال اليوم الى مجموعتين إحداهما تؤيد وتدعم هذا الطرف بالمواقف السياسية والمال والسلاح والأخرى تدعم الطرف الآخر، ولم يوقف حرب لبنان إلا البطل الشهيد رفيق الحريري الذي واصل الليل بالنهار لتقريب وجهات النظر بين الأطراف المتنازعة بعد أن أثبت أنه على مسافة واحدة من الجميع وقد دفع من ماله بدءا ودمه لاحقا، ثمن ما فعله، ومازال البعض في هذا السياق يكيل الثناء للوردات الحرب ممن دمروا لبنان ويخص بالشتم الشهيد رفيق الحريري الذي عمّر ما دمّروه ولم تكن له ميليشيا إلا 35 ألف طالب من مختلف الطوائف أرسلهم للخارج للدراسة والتأهل لوقت السلم والبناء.
***
إن خوفنا على سورية الحبيبة، قلب العروبة النابض الذي ينزف دما، من أن تكون على حافة حرب أهلية لا تبقي ولا تذر، ولن يوقف الانزلاق لمثل تلك الحرب المدمرة بعد ان توقف الحوار بين الحاكم والمحكوم إلا وسيط مخلص كرفيق الحريري يحظى بثقة الفرقاء ويكون مستعدا للتضحية بماله وجهده ودمه لإصلاح ذات البين، وكم يفتقد البدر الحريري في الليالي المظلمة التي تعيشها سورية هذه الأيام، الرئيس بشار.. كم تحتاج الى جهد «أبوبهاء» في المحنة الحالية!
***
آخر محطة: في جميع أنحاء العالم، ومنها دولنا الخليجية، ما ان تحدث اضطرابات أهلية حتى تستخدم القنابل المسيّلة للدموع لتفريق المتظاهرين، السؤال: لماذا لا تستخدم قوات الجيش والأمن السوري مثل تلك القنابل بدلا من المدفعية الثقيلة والطائرات والرصاص الحيّ؟! فشتّان بين إسالة الدموع و.. إسالة الدماء!