مع سقوط نظام صدام عام 2003 كان العراق الجديد في مرحلة التكوين وقد كان بإمكان الدول العربية عبر جامعتها العتيدة او الدول الخليجية عبر مجلسها ان تدخل العراق من بوابته الشرعية لخلق مشروع مارشال عربي ـ خليجي لتنمية العراق دون تمييز بين شماله ووسطه وجنوبه.
مشروع عربي يقوم بكفكفة دمع اليتيم العراقي ومواساة الثكلى والأرملة ويفتح أبواب الرزق والعمل لرجال العراق، فالعراق الآمن المرفه هو اضافة لأمتنا العربية ودعم لدول خليجنا، وبعد ان تأخذ دولنا دور الريادة والقيادة في مشروع انقاذ العراق يمكن لأي دولة أخرى تريد مساعدته كالدول الغربية وايران وغيرها ان تدخل وتساهم، وبمثل هذا فليتنافس المتنافسون.
أمر كهذا لم يحدث لأن البعض منا انشغل بالخوف من «ديموقراطية» العراق، والبعض الآخر من «مذهبية» عرب العراق وثالث بالخلط بين الاستعمار التقليدي الدائم للدول الذي رحل دون عودة من العالم، وبين التواجد العسكري الأميركي المؤقت الذي سيرحل هذا العام ولم يكن احد يحتاج لتدمير العراق للوصول الى هذا الهدف.. السهل!
مصر الكبيرة والعظيمة في حالة مخاض شديد هذه الأيام ويمكن لنا كعرب لو تعلمنا من درس عراق 2003 ان نجعلها تخرج أجمل ما لديها ومن ثم تصبح مصر «الجديدة» ذات دور تاريخي مستقبلي مؤثر ـ افتقدناه لسنوات طويلة ـ فاعل وداعم لقضايا العرب، ويمكن بالمقابل لو أهملنا مصر ان نجعلها تخرج أسوأ ما فيها فتنشغل عن قضايا الأمة بمشاكلها الداخلية وان ينتهي الأمر بتشرذمات سياسية ودينية ومناطقية تعيد تشكيل خرائط المنطقة وحينها سنصيح جميعا بالمقولة الخالدة «انما أُكلنا يوم أُكل الثور الأبيض» او حين سمحنا بابتلاع ارض السواد وتقسيم ارض السودان!
آخر محطة: أمضي اجازة هذه الأيام في مزرعة الصديق العزيز عبدالعزيز البابطين الرائعة في السعودية التي تمتلئ بالأشجار والحيوانات المختلفة ومنها طائر النعام، واول ما تلحظه في ذلك الطائر انه لا يخبئ رأسه في الرمال كما يقال عند الخطر بل ينظم صفوفه لرد الاعتداء برجليه ومنقاره، أرجو الا نجعل كعرب النعام يضحك علينا عندما يرانا نخبئ رؤوسنا في رمال صحارينا عند ظهور الفتن والأخطار.. وما أكثرها هذه الأيام!