رغم ان البعض يرى ان دستور الكويت من الدساتير الجامدة صعبة التعديل والتنقيح، إلا ان الحقيقة تظهر انه أسهلها فلا يحتاج التعديل، كما أتى في المادة 174، إلا إلى موافقة صاحب السمو الأمير وثلثي أعضاء المجلس ليتم في التو واللحظة تغيير أي مادة من مواد الدستور.
استطاع «ترزي» الدستور المصري الدكتور (م.ش) ان يخلق معضلة حقيقية تواجه مصر هذه الأيام، فمن يطلب تنحي الرئيس وتفويض صلاحياته لنائب الرئيس لا يعلم شيئا عن ذلك الدستور، فالمادة 82 منه تتحدث عن انه في حال قيام مانع يحول دون مباشرة الرئيس لاختصاصاته ناب عنه نائب الرئيس و«لا يجوز لمن ينوب عن رئيس الجمهورية طلب تعديل الدستور أو حل مجلس الشعب أو الشورى أو إقالة الوزارة».
أي لا يستطيع نائب الرئيس تعديل المادة 76 الفريدة التي تنص على انه يلزم قبول الترشح لرئاسة الجمهورية ان يؤيد المتقدم مائتان وخمسون عضوا على الأقل من مجلسي الشعب والشورى والمجالس المحلية، وتمضي الشروط العجيبة لتملأ 3 صفحات من الدستور، مما يجعل من الاستحالة ان يستطيع أحد الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة ما لم يكن منتميا للحزب الوطني.
وتتحدث المادة 84 من الدستور المصري عن انه في حال العجز الدائم لرئيس الجمهورية يتولى مؤقتا رئيس مجلس الشعب، واذا كان المجلس منحلا فرئيس المحكمة الدستورية مع التقيد «بالحظر المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 82» أي عدم جواز طلب تعديل الدستور أو حل مجلس الشعب أو مجلس الشورى أو إقالة الوزارة من قبل الرئيس المؤقت!
كما تتحدث المادة 85 من الدستور عما يحدث في حال اتهام الرئيس بالخيانة العظمى أو بارتكاب جريمة جنائية حيث لا يصدر قرار الاتهام الا بثلثي الأعضاء وحينها يوقف الرئيس عن عمله ويتولى الرئاسة مؤقتا نائب الرئيس أو رئيس الوزراء مع «التقيد بالحظر المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 82» أي عدم جواز طلب تعديل الدستور أو حل مجلس الشعب.. إلخ.
اذن، كيف يمكن إلغاء أو تعديل المادة 82 التي تحد من صلاحيات نائب الرئيس ومثلها المادة 76 ذات الشروط التعجيزية للترشح و77 و88 وغيرها؟! تتحدث المادة 189 عن تعديل الدستور وتذكر ان للرئيس أو ثلثي مجلس الشعب طلب تعديل مادة أو أكثر ويناقش المجلس مبدأ التعديل ـ وليس التعديل ـ فإذا وافق على المبدأ تتم مناقشة المواد بعد «شهرين» من الموافقة فإذا وافق بعد ذلك على التعديل ثلثا الأعضاء عرض على الشعب في «استفتاء عام» فإن وافق الشعب اعتبر نافذا من تاريخ إعلان نتيجة الاستفتاء.
مما سبق وبعيدا عن العواطف يتضح ان الخيار الدستوري الوحيد المتاح يقتضي ان يمارس الرئيس صلاحياته كاملة وان يدعو المجلس للانعقاد والبدء في الإجراءات اللازمة لتعديل بعض مواد الدستور وأهمها المادتان 76 و88 وبعدها تجرى انتخابات حرة لانتخاب الرئيس بشكل مباشر من الشعب في سبتمبر القادم وتحت اشراف القضاء والمراقبين الدوليين ثم يقوم الرئيس الجديد بحل البرلمان والدعوة لانتخابات برلمانية جديدة بإشراف القضاء والمراقبين الدوليين بعد تعديل المادة 88 لتبدأ حياة سياسية جديدة في مصر أو ما يسمى بالجمهورية الرابعة.
آخر محطة:
(1) المحكمة الدستورية العليا في مصر تمارس دورها بأجلّ وأفضل الصور وقد سبق لها ان حكمت ببطلان انتخابات مجلس الشعب بنظام القائمة وقضت بإعادة الانتخابات في جميع الدوائر، لذا فإن قيام نائب الرئيس ـ لا الرئيس ـ بتعديل مواد الدستور أو حل مجلس الشعب سيعطي الذريعة للطعن في شرعية البرلمان الجديد وفي المواد الدستورية المعدلة وإلغائها كونها مخالفات صريحة لا تحتمل التأويل للدستور القائم.
(2) إلغاء أو توقيف العمل بالدستور القائم (دستور 71) لا يسقط فقط شرعية الدولة والمعاهدات مع الدول الأخرى، بل فيه تكرار لقيام ثورة 52 بإيقاف العمل بدستور 1923م وهو الباب الذي دخلت منه شرور القمع والقتل والديكتاتورية وزوار الفجر وحروب النكسات والهزائم.
(3) نحب مصر ولا يهمنا ان حكمها زيد أو عبيد فالمهم رفاه شعبها وتحقيق أحلام شبابها وعدم تكرار أخطاء ثوريات الماضي.