سامي النصف

تحت راية الإسلام وتحت راية الدستور!

تحت راية الاسلام تشطر وتفتت دول الاسلام، فتحت راية الاسلام تم ضرب الأعناق في العراق وخرجت فرق الموت لتعمل في الخفاء لذبح أبنائه وتقسيم وطنهم، وتحت راية الاسلام قسم السودان وافتخر من قاموا بتقسيمه بإنشاء دولة الاسلام فيما تبقى منه دون ان يتحدث أحد عن المليارات التي تم تسلمها وإيداعها البنوك لتحقيق ذلك الحلم الكبير، وتحت راية الاسلام، المفترى عليه، يتم تفجير الكنائس في مصر قلب العروبة النابض لإيقاف التعايش السلمي بين مسلميه ومسيحييه وتحويله بالتبعية لساحة صراع أخرى للعابثين بالاسلام، وكل ذلك تحت راية… الحفاظ على الاسلام!

ومن ضرب الاسلام باسم الاسلام الى ضرب الدستور باسم الحفاظ على الدستور، فكل ما يمارس اليوم سيتحول الى أعراف سياسية واجبة لديموقراطيي الغد، كما سيتحول بالتبعية لمرجعية لأي ديموقراطية ناشئة في الخليج لتشابه وتقارب الظروف، فهل من أسس الحفاظ على الديموقراطية المستقبلية الكويتية جعلها مرتبطة بسلسلة أزمات لا تنتهي؟! وهل من أسسها القبول بالمبدأ الميكيافيلي القائل ان الغاية تبرر الوسيلة وانه لا مانع من تجاوز القوانين والتشريعات والقفز على سرية المصارف للوصول للهدف؟!

وهل من أسس الديموقراطية الصحيحة التي نريد ترسيخها وتوريثها للاجيال المقبلة، القبول بمبدأ ملخصه ان عدم رضانا عن نتائج التصويت في المجلس يمنحنا حق اللجوء للشارع؟! وان للعضو لدينا ان يختار بين العمل تحت قبة البرلمان أو العمل خارجها في وقت ينحصر فيه عمل اعضاء البرلمانات في العالم أجمع بمبنى البرلمان وكيف ـ في هذا السياق ـ يمارس العضو التشريع والرقابة من الشارع؟!

وهل من الممارسة الديموقراطية الصحيحة محاسبة رئيس مجلس الوزراء على أعمال الوزراء والضرب عرض الحائط بما أتى في محاضر المجلس التأسيسي واحكام المحكمة الدستورية من ان الاستجوابات يجب أن توجه للوزراء «فرادى» على قرارات وأعمال وزاراتهم؟!

ان احدى اشكاليات الممارسة الديموقراطية الصحيحة حقيقة انها لا تقبل «الشخصنة» في أعمالها، فكل ممارسة تصبح عرفا مقبولا في المستقبل، وهذا ما يجب ان نضعه نصب أعيننا هذه الايام التي غيبت فيها مبادئ الحكمة والتعقل وأدخلنا في المقابل الدستور الموقر والمبجل في خلافاتنا الشخصية.

آخر محطة:

من مصر بدأنا ومن مصر ننتهي، حيث ولد وعاش نبي الله موسى وأخوه هارون بن عمران والذي كان رغم نبوته وقوة حجته ثقيل اللفظ واللسان، حيث أتى في الآيات البينات (وأخي هارون هو أفصح مني لسانا فأرسله معي) و(احلل عقدة من لساني يفقهوا قولي) ففصاحة اللسان لا تعني بالضرورة الحق وقول الصدق، كما أن قلة الفصاحة لا تعني ضعف الحجة أو عدم قول الحقيقة على الاطلاق.

 

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *