في زمن الانفعال والجنون تقفل العقول ويفوت علينا جميعا بديهيات ما كان لها أن تفوت ومن ذلك:
– في القضية الأصلية التي بنيت عليها الإشكالات الحالية ونعني قضية الشيك الشهير، فالمنطق والبداهة يفرضان علينا خيارين، أولهما صحة ما قاله محامي الرئيس من أن الشيك كان ثمن خدمة قانونية وعليه لم يكن هناك داع لاختراق سرية المصارف والدخول للحسابات الشخصية وما تبع ذلك من مشاكل، والخيار الآخر صحة ما قيل تلميحا أو تصريحا بأن الشيك رشوة سياسية وحينها نسأل: بداهة، كيف يصح قانونا محاسبة من دفع ولا يتم الحديث عن محاسبة من تسلم فيما لو صحت فرضية ذلك المُعطى؟!
– وفي ديوانية الصليبخات كان من البديهيات أن يلتزم الجميع بأوامر رجال الأمن متى ما تأكدوا من هويتهم كما يحدث في جميع الدول الأخرى خاصة أن ذلك تحقيق لرغبة أميرية مطابقة لصحيح القانون كما أتى في دراسة د.هاشم الصالح، وليس من المنطق وضع شرط رؤية الأوامر والقوانين والتشريعات مكتوبة لتنفيذها، فأمر كهذا سيخلق الفوضى حيث سيفرض على رجال الأمن والمرور ألا يخالفوا على سبيل المثال من يتخطى الإشارة الحمراء ما لم يكونوا يحملون معهم قوانين المرور والجزاء وغيرها من تشريعات حتى يحققوا رغبة وشرط المواطن برؤية الأوامر والتشريعات مكتوبة قبل التزامه بتنفيذها.
– ودعوى أن المواطنين ونوابهم لا يضربون بالهراوات في الدول الأخرى، والحقيقة أن وسائل الإعلام تنقل لنا يوميا صور اشتباكات رجال الأمن الذين يحملون الهراوات، مع المواطنين في أرقى الدول والديموقراطيات مثل اليابان وكوريا وألمانيا وبريطانيا وأميركا متى ما رفض المواطنون الانصياع لأوامر رجال الأمن، أما التعدي على نواب الشعب هناك فلا يحدث كوننا لم نسمع قط انهم تركوا كونغرسهم ومجلس عمومهم للاشتراك في التجمعات الممنوعة بالخارج، ولو قاموا بذلك الأمر لعرضوا أنفسهم لعصي رجال الأمن التي يفترض ألا تفرق بين من يخالف الأوامر ويخرج على النظام مواطنا كان أو نائبا، فشرطتهم لا تعرف أساسا وجوه نوابهم كونهم لا يتصدرون الصفحات الأولى لصحفهم كحالنا.
– دعوى أن سبب الإشكال الحالي هو أن هناك نوابا موالين للحكومة مما خلق أغلبية مريحة لها ومن ثم ضرورة العمل على حل البرلمان والضغط على النواب الآخرين لإصلاح تلك المعادلة «الخاطئة»، البديهة تقول اننا استمرأنا الخطأ حتى أصبحنا لا نعرف الصواب، ففي «جميع» الديموقراطيات المتقدمة والمتخلفة الأخرى تملك الحكومات «أغلبية» مريحة في البرلمانات كي يمكن لها ان تمرر خططها ومشروعاتها لذا فبرلماننا الحالي هو الصح حيث ان المشكلة هي ألا يكون للحكومة – أي حكومة – أغلبية في البرلمان لا العكس.
– دعوى ان الندوات والتجمعات القائمة ستضعف وتعصف بالحكومة وتتسبب في إسقاطها، الحقيقة أن التجمعات بشكلها الحالي تسببت بإرعاب الآخرين في المناطق الأخرى والضغط على نوابهم للاصطفاف مع الحكومة مما قواها بدلا من إضعافها بدلالة غياب كثير من نواب المناطق الأخرى عن تلك التجمعات وعلو أصوات النواب والكتاب الذين قرروا الوقوف طواعية مع الحكومة مقابل ما يرونه من دعاوى تحريض وتأجيج تضر بالبلد وتضرب وحدته الوطنية.
آخر محطة:
(1) النتيجة الوحيدة المتفق عليها بين الكويتيين هذه الأيام هي ان الندوات والتجمعات المحرضة قد فرقت بين أبناء الشعب الواحد وجعلت الكويتي يقف ضد الكويتي سواء كان مواطنا أو رجل أمن.
(2) ردا على من يحاول استغفال الناس والتفريق بينهم، نذكر بأنه سبق أن حقق وحجز كل من د.ناصر صرخوه وخالد الفضالة ومحمد الجاسم وبعد ذلك الشيخ صباح المحمد وهم من يمثل مختلف شرائح المجتمع الكويتي لقضايا تختص بدعاوى قضائية أقيمت ضدهم وترك للقانون ان يأخذ مجراه.
(3) ليس من الملائم على الإطلاق سواء كان الهدف التحريض أو التعاطف، إظهار صورة شخص وهو في وضع غير لائق، والتلميح يغني عن التصريح وقصة الدب وصاحبه الفلاح ليست عنا ببعيدة.