سامي النصف

هذا ما أرادوه.. وهذا ما فعلناه

أراد الآباء المؤسسون دستورا يضحي ركنا حصينا للوحدة الوطنية (انظر بداية المذكرة التفسيرية) فأحال البعض مواده الى سيوف قاطعة تفتت مع كل إشراقة شمس تلك الوحدة حتى أضحينا قاب قوسين أو أدنى من إشعال نيران فتنة لا تبقي ولا تذر بحجة حرية القول التي أساء إليها من يدعيها.

وأراد الآباء المؤسسون عملا تشريعيا يحارب الفساد ويمنع التجاوز فأحال البعض ذلك العمل الراقي الى احدى وسائل الاثراء غير المشروع وامتدت الجيوب الواسعة من الداخل الى الخارج حتى أصبحت أقرب الى محلات صرافة من كثرة ما يرمى فيها من عملات لشراء المواقف.

أراد الآباء المؤسسون ديموقراطية أقرب لقاطرة سريعة تدفعنا الى الامام، فأحالها بعض المتباكين عليها الى حديد أصم يدفعنا سريعا نحو الأعماق، بينما تمر علينا سفن الجيران سريعة متجهة الى المستقبل المشرق.

وأراد الآباء المؤسسون لنا لعبة سياسية راقية تعلمنا مكارم الاخلاق فلم نسمع أو نقرأ في زمنهم الجميل كلمة جارحة أو لفظة نابية، فأحلنا محاضر مجالسنا هذه الايام الى أوراق يمنع من لم يبلغ سن الحلم وربات الخدور من قراءتها كي لا يُخدش حياؤهم.

وأراد الآباء المؤسسون دستورا منفتحا يقرأه كل الناس ويفهمون معانيه، فجعله كهنة المعبد كتابا مغلقا حصروا فهمه في فهمهم العقيم وضموه الى صدورهم ـ أو جيوبهم ـ حتى قاربوا على خنقه وقتله بذلك الضم التمساحي الكاذب.

وأراد الآباء المؤسسون دستورا حكيما ينظم العلاقة بين السلطات ويمنع تجاوز بعضها على بعض، فجعله ديموقراطيو هذه الايام «كور مخلبص» لا يمكن التمييز بين خيوط سلطاته الثلاث من كثرة ووفرة قفز السلطات بعضها على صلاحيات البعض.

أراد الآباء المؤسسون ديموقراطية لا تمييز فيها بين الناس بسبب أديانهم أو أعراقهم فجعلناه وسيلة لإحياء العصبيات الجاهلية والتمييز ضد الاديان الاخرى عبر منع تجنيسهم ومنع إقامة دور عبادة لهم.. والحديث ذو شجون.

آخر محطة: رغم أننا أسخن بلد في العالم، إلا أن لدينا فريق هوكي جليد رائعا يستحق الدعم والمؤازرة بعد أن حقق المركز الثالث على مستوى آسيا والثاني على مستوى الخليج رغم عمره القصير، ونستعد للمنافسة على البطولة الشتوية المقبلة للقارة، المقامة في كازاخستان.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *