سامي النصف

ومازلنا سنة أولى حضانة ديموقراطية

عدة اخبار محلية ومؤشرات عربية ودولية تناقلتها الصحف تثبت بما لا يقبل الشك ان ممارستنا السياسية بعد نصف قرن من بدئها ليست بخير على الاطلاق، وان مستقبلها بسوء حاضرها رغم كل ما يقال حيث تحولنا الى بلد «متوقف» وازمات «متحركة» في وقت تحول فيه جيراننا الى ازمات متوقفة وبلدان في حراك شديد الى الامام تظهره مؤشرات التنمية والتجارة التي يتقدمون بها كلما تخلفنا.

حكم محكمة التمييز وقبله الاستئناف ببراءة موظف مكتب طوكيو الذي كان محور استجواب الوزير الخلوق الشيخ علي الجراح يظهر بما لا يقبل الشك ان نهج التصيد والاستقصاد ـ غير الدستوري ـ قد ترسخ واصبح احدى سمات استجوابات لعبتنا السياسية التي تقوم على «الهوية» لا على «القضية» والتي تجعلنا كبلد وكشعب نفقد دون مبرر وزراء امناء واكفاء كالوزير الجراح كان بإمكاننا ان نستفيد منهم.

وتناقلت الصحف مؤخرا خبرين مؤسفين عن قضايا الاعتداء غير الاخلاقي على ساكني دور الرعاية من ايتام ومعاقين، ومثل ذلك اعتداء احد حراس المدارس على طفل صغير، ولم نسمع رد فعل او تهديد ووعيد كما حدث في قضايا اقل شأنا في الماضي، واصبحت محور استجوابات ادت في النهاية لأن نفقد مربية فاضلة شديدة الاختصاص بقضايا التعليم مثل الوزيرة السابقة نورية الصبيح ولا شيء يخجل منه تحت شمس الديموقراطية الكويتية.

ان مسؤولية الوزراء عن وزاراتهم هي مسؤولية معنوية وادبية لا يقصد منها على الاطلاق ان يحاسب ويستجوب الوزير كلما اخطأ حارس او موظف كون الوزارات تضم مئات الآلاف من البشر الخطائين وليس «الملائكة» المعصومين، واذا ما بدأنا نحاسب ونبعد المسؤول على خطأ موظفيه لوجب ان نغير الوزراء كل خمس دقائق ليصبح «كل مواطن وزيرا»، فالمحاكم تعج بعشرات ومئات الآلاف من القضايا.

ان المحاسبة العادلة هي للمسؤول عما يفعله بشكل مباشر لا ما يفعله غيره وهو العرف والممارسات القائمة في جميع الديموقراطيات الاخرى عدا بعض الحالات الاستثنائية الشاذة التي لا يعتد بها.

ان التوقيف الحقيقي للعبث بالدستور يمر اولا عبر ايقاف استغلاله للثراء الفاحش غير المشروع، والتعدي دون ذنب على الآخرين واستقصاد الناس على هوياتهم لا اعمالهم، ونحر الوحدة الوطنية من الوريد الى الوريد بالمسجات القاتلة التي يبعث بها بعض النواب ويرد عليها بشكل لا يقل سوءا نواب آخرون، لقد خلق الآباء المؤسسون دستورا جميلا لزمن غير زمننا واخلاق غير اخلاقنا وضمائر غير ضمائر هذه الايام، لذا فالحفاظ على الدستور هو بفهم مقاصده الخيرة وانه وسيلة للتعمير لا للتدمير وللحفاظ على الوحدة الوطنية لا تمزيقها ولدعم عمليات التنمية لا تعطيلها كما يحدث هذه الايام.

آخر محطة:

1 ـ يقول الزميل المبدع حمود البغيلي في ملحوظته الاخيرة:

«العضو» بنى له قصور وبنايات

                              واللي عطوه الصوت عاشوا على الدين

ضحك عليهم في خطاب الدعايات

                                وحب خشوم وجيته للدواوين

2 ـ الشكر للاعلامي البارز ماضي الخميس على احيائه ليلة وفاء وود للراحل محمد مساعد الصالح، والشكر لجريدة «القبس» على تبنيها اصدار كتابين يحتويان مقالات ابوطلال ومازلنا نذكر الاعلاميين والشخصيات العلمية بضرورة اصدار كتب ذكريات تثري المكتبة الكويتية وتضيف لتاريخنا غير المكتوب.

3 ـ والشكر موصول للزميل يوسف شهاب على اعادة اصدار كتابه الشائق «رجال في تاريخ الكويت» مع الاضافات التي ألحقت به، وقد اقترحت على ابو احمد اعادة لقاء بعض ضيوفه امثال السادة احمد زيد السرحان وصالح العجيري وعبدالرحمن العتيقي ومحمد يوسف العدساني، فعشرون صفحة معهم لا تكفي فكل واحد من هؤلاء هو موسوعة تاريخية بحاله، ولهم طول العمر.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *