كان الزميل الإعلامي ناظم غيدان يخبرني بالقصص التي يرويها له جاره في بغداد المرافق الخاص واللصيق بصدام وكان مما قاله وكتبناه في السابق ان حياة صدام المرفهة في قصوره لم يشهدها حاكم في التاريخ قط، وان جزءا من حياته الليلية التي يبدأها بـ «تعمير الطاسة» أي شرب الخمر حتى الثمالة كانت تقتضي إحضار الفتيات والسيدات الجميلات اللاتي يكون قد شاهدهن إبان زياراته أو استقبالاته في النهار وان البعض من تلك السهرات الماجنة تنتهي بقتل صدام لهؤلاء البائسات، ومما اقترحناه ان تدون الكويت أو تدفع جهات عراقية لتدوين تلك الأحداث المهمة لحقيقة ان الطاغية بدأ يتحول الى بطل قومي عربي وصلاح الدين آخر، رغم ان جرائمه مازالت حية في الأذهان، والخوف الحقيقي ان يتحول مع مرور الزمن الى ولي آخر من أولياء الله يزار قبره وتطلب النجاة والشفاعة من مرقده الشريف.
كما يروي أيضا مازن جزراوي (مدير قصور صدام) في كتاب ذكرياته قصته مع صدام وقصوره التي فاقت المائة «كحال اسمائه غير الحسنى» بما في ذلك «قصره الكويتي» الذي استولى عليه من صاحبه ومما يقوله: ان حياة صدام كانت تمتلئ بالسرية والرعب والغدر والقتل والغموض ويروي بعض جرائمة التي كان شاهدا عليها في قصوره، كحادثة السيدة (ل.ع) ابنة شيخ احدى العشائر وزوجة طيار في سلاح الجو التي اعتدى على شرفها ثم احضر زوجها كي يتم تعذيبه وقتله معها بيد صدام.
يذكر مازن ان كل قصر من المائة يزود يوميا بمؤن غذائية كاملة حيث يمكن لصدام ان يزوره دون سابق موعد، إضافة الى كراتين من الخمور الفاخرة والسيجار الذي يصل طازجا من كوبا وأعداد كبيرة من عطره المفضل «أولدسبايس».
وهناك عدد كبير من الخياطين الذين يعملون على مدار الساعة لملء تلك القصور بالبدل العسكرية والمدنية والبيجامات والدشاديش والغتر والبشوت والعقل، وما ان يشتكي صدام من بيجامة أو بدلة حتى يتم تغيير جميع الملابس المشابهة في القصور الأخرى ليعود ويغير رأيه مرة أخرى فيعاد تصميم الأطقم في القصور، ويروي ان صورة صدام وهو يمتطي الحصان ببدلة عسكرية كانت خطأ بروتوكوليا سببه ان بدلة الفرسان المخصصة ضاقت عليه بسبب زيادة وزنه مما اضطره لاستخدام تلك البدلة العسكرية غير الملائمة.
ويروي مازن ما حدث إبان زيارة سمو الشيخ جابر الأحمد، رحمه الله، للعراق وهو ما يدل على النوايا العدوانية والدنيئة لصدام منذ وقت مبكر، حيث خصص للوفد الكويتي عقيدا كالعادة كمرافق، ويقول الكاتب انه لاحظ ان العقيد ينادي ضابطا أقل منه رتبة بسيدي ولما سأل عن السبب أجابوه ان ذلك العقيد هو في الحقيقة ملازم تم رفع رتبته خلال هذين اليومين فقط لأن صدام لا يريد تخصيص عقيد حقيقي للوفد الكويتي (قد يكون السبب خوفه من ان تتم استمالة العقيد الحقيقي وهو من ينوي الغزو اللاحق للكويت).
آخر محطة:
نرجو من الجهات المختصة البدء في تدوين شهادات حضور مؤتمر جدة المنعقد في 31/7/1990 حيث مازالت بعض الكتب المعادية تدعي ان سبب احتلال الكويت هو التشدد الكويتي في ذلك المؤتمر وستبقى تلك الدعوى الكاذبة قائمة ما لم ندون حقيقة ما حدث ونصدره في كتاب للحقيقة والتاريخ.