سامي النصف

طريق الحرير وطريق التوابل والنموذج النرويجي

يروي الاقتصادي روبن ميرديث في كتابه «الفيل والتنين» ان الهند والصين كانتا تحوزان اكثر من نصف تجارة العالم حتى نهاية القرن التاسع عشر، وان الحروب العالمية والانظمة الاستعمارية والماركسية والاشتراكية ساهمت في خروجهما من الاقتصاد العالمي اغلب القرن العشرين وانهما بعد عودتهما لاقتصاد السوق مع دخول هذا القرن عادتا لتحتلا 20% من التجارة العالمية.

ويرى المؤلف ان الصين اشبه بالتنين الذي يشق طريقه بشراسة وقوة وان الصينيين عكس الهنود لا يهتمون كثيرا بالتحول للنهج الديموقراطي، بل يضعون في مقدمة اهتماماتهم تحقيق الرفاه الاقتصادي، كما يظهر المؤلف الفروقات الضخمة في توزيع الثروة بين اهل المدن واهل الريف في الصين والهند ممن يعانون من الفقر والبطالة الشديدة.

في المقابل، يرى ميرديث ان الهند تسير بشكل ابطأ من الصين في معدلات التنمية، وانها اشبه بالفيل البطيء او الرجل السكران في طريقه لبيته حيث يمشي خطوة للامام وخطوتين للجنب، الا انه يصل في نهاية المطاف الى مراده، حيث مازالت العقلية الهندية في العمل تعاني من البيروقراطية الشديدة، الا ان التحديات المستقبلية فيما يخص الامن والاستقرار السياسي اقل بالنسبة للهند منها للصين التي يُخشى ان تقع بها اضطرابات داخلية وحروب خارجية.

«النموذج النرويجي» او كيفية ادارة المصادر البترولية هو كتاب للخبير النفطي النرويجي ذي الاصل العراقي فاروق القاسم الذي كان مستشارا نفطيا لحكومة النرويج عام 1968 ثم رئيسا لمديرية النفط النرويجية حتى اوائل التسعينيات، ومما ذكره في كتابه ان النرويج لم تستقبل الاكتشافات النفطية بارتياح (!) خوفا مما يسمى بـ «الداء الهولندي»، اي تكرار ما حدث في هولندا عندما انصرف شعبها عن العمل الجاد للتمتع بالعائدات النفطية المريحة.

ويضيف المؤلف: ان عائدات النفط أُبعدت عن الميزانية العامة للدولة ووضعت في صندوق للاجيال المقبلة تعلما من التجربة الكويتية وكحماية للصناعات الوطنية، كما أُبعدت الشركات النفطية الحكومية في شقها الفني والمالي عن البيروقراطية الحكومية، ثم يتحدث عن كيفية الاستفادة المثلى من اطوار الاستخراج والاستكشاف، واطوار تحويل النفط الى صناعة مشتقات واخيرا طور الاستفادة المثلى من عوائد النفط.

«امبراطورية الثروة» كتاب ملحمي لجون ستيل جوردون يتحدث فيه عن كيفية تحول الولايات المتحدة من مستعمرة عالم ثالث تنتج القطن والمواد الاولية للمصانع البريطانية الى دولة صناعية واقتصادية كبرى عبر رؤى وافكار خلاقة تم تطبيقها، ويتحدث عن المضاربة على الاراضي التي تمت في العام 1837 مما ادى الى انهيار الوول ستريت وافلاس الشركات العقارية والانحدار الى الكساد الرهيب، ويقول ان عمدة نيويورك ذكر آنذاك «ان الثروات الفاحشة التي حلم بها المواطنون قد ذابت كالثلج تحت شمس ابريل» وفي انهيار عام 2008 كان الذوبان تحت شمس اغسطس الاكثر مرارة ودمارا، والاسواق الاميركية «متعودة دايما» على قول الفيلسوف.. عادل امام!

آخر محطة:

الفارق الرئيسي بيننا وبين اليابانيين اقتصاديا انهم يمضون وقتا طويلا في اتخاذ القرار كي يخرج «ما يخرش الميه»، ثم يضربون الرقم القياسي في سرعة التنفيذ، ونحن نضرب الرقم القياسي في سرعة اتخاذ القرار ثم الرقم القياسي ثانية في البطء في تنفيذه.. والله اعلم!

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *