إبان الفتنة الكبرى التي يريد البعض تجديدها هذه الأيام واقتتال المسلمين، قامت مجاميع خارجة بشتم وحتى تكفير الإمام علي، كرّم الله وجهه، كحال الخوارج رغم أن الإمام لم يكفّرهم بالمقابل، كما قام آخرون بشتمه من على المنابر، وقد توقفت واندثرت، ولله الحمد، تلك الجماعة منذ ما يقارب 1300 عام، فلا يحظى الإمام علي عليه السلام وأهل بيته الكرام إلا بالتوقير والاحترام حتى ان أسماء أهل السنة يغلب عليها مسميات «علي وحسن وحسين وخديجة وفاطمة» وفي ذلك يقول الشيخ ابن عثيمين: «النواصب هم الذين يناصبون العداء لآل البيت ويقدحون فيهم فهم على النقيض من أهل السنة».
بعلم أو بجهل يدعو ياسر الحبيب في أقواله وأفعاله لإحياء تراث النواصب المشتهر بالشتم فهو تارة يوسع من تعريف الناصبي حتى يشمل أهل السنة وأهل الزيدية بعكس ما أفتى به السيد السيستاني وغيره من كبار المراجع، وتارة يشتم الصحابة وأمهات المؤمنين مما قد يخلق نواصب جددا يبادلون الشتم بالشتم في وقت نهت الآيات البيّنات حتى عن شتم الأوثان والأصنام والأنصاب حتى لا يرد المشركون بشتم رب العباد (ولا تسبّوا الذين يدعون من دون الله فيسبّوا الله عدوا بغير علم) الآية الكريمة، وقد أتى في الحديث الشريف نهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن أن يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه.
وقد أتى في رد ياسر على استشهادي بالآيات التي برأت السيدة عائشة رضي الله عنها من حديث الإفك، إنكاره ذلك المعلوم بالضرورة وقوله إن الآية لم تذكر اسم السيدة عائشة، وهذا تماما منطق النواصب مع الإمام علي والعترة الشريفة من أهل بيته حتى استباحوا دماءهم حيث كانوا يقدحون بهم وينكرون فضلهم «عليهم السلام» عبر طرح نفس السؤال الخبيث أي: من قال ان تلك الآيات نزلت بهم؟ وأين أسماؤهم فيها؟ ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ومما أتى في ردّه، قدحه وشتمه أمهات المؤمنين، محتجا بما أتى في القرآن من آيات حول زوجتي النبيين نوح ولوط، ولا شك أن النواصب الجدد سيسعدون بتلك الحجة حيث ستسمح لهم باستخدام السور والآيات التي طعنت واستهزأت بعم الرسول أبي لهب وزوجته للطعن في الأتقياء الأنقياء من أئمة أهل البيت وزوجاتهم، علما بأنه ذكر نصا أن هناك زانيات من أزواج الأنبياء والأئمة «عليهم السلام»، فهل هذا قول مقبول؟!
كما تضمن ردّه على قولنا بعصمة زوجات الرسول ما يضع حجة كبرى بيد النواصب الذين يعمل جاهدا لإحياء تراثهم وثقافتهم عندما ذكر ان تلك «العصمة» ستقيم الحجة على رب العباد في الآخرة حيث ستقول النساء ومنهن الزانيات: كيف تحاسبنا على أعمالنا وقد عصمت نساء مثلنا كونهن فقط تزوجن الرسول؟ وفي هذا حجة على الله وانه لم يعامل النساء بعدالة، وفي معتقدنا – حسب قوله – ان الله عدل مُطلق لا يجوز إقامة الحجة عليه، حجة كهذه سيستخدمها النواصب للطعن كذلك في عصمة أهل البيت، عليهم السلام، أي سيحتج الكفار بأنه من الظلم القاؤهم في النار كون رب العالمين قد حصّن الأئمة المعصومين بسبب قرابتهم من النبي صلى الله عليه وسلم ولم يحصّنهم بجعلهم من نسبه وضمن عصمته، وما أسعد، وبحق، النواصب بتلك الأقوال يا ياسر..!
ثم ماذا أبقيت بعد ذلك للطاعنين في دين الحق وفي الرسول صلى الله عليه وسلم الذي تدعي دفاعك عنه بعد أن طعنت بعرضه وعرض أزواجه ثم قدحت وكفّرت وطعنت حتى بأنساب أصحابه وخلفائه وتركت الباب مفتوحا للنواصب لاستخدام أدلتك وبراهينك للطعن في أئمة بيته الأبرار أي سيقول الطاعنون: كيف يكون الرسول صلى الله عليه وسلم على حق وهؤلاء هم أزواجه وأصحابه وخلفاؤه وحواريوه وأهل بيته؟!
آخر محطة:
(1) يصعب على أحد فهم ما تقوله يا ياسر ومقصده، فواضح أن شتم أمهات المؤمنين الذي لم يكسبك تعاطف الشيعة، لن يتسبب في تحول أهل السنة لما تدعيه، فالشتم لا يكسب أحدا قضية قط والآية التي لا يختلف اثنان على تفسيرها تنص على (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة).
(2) جنسية ياسر الحبيب يجب أن ينطبق عليها ما ينطبق على غيرها كوننا نعيش ضمن دولة مدنية تحترم القانون، فإذا ما صدر في الغد تشريع يسقط الجنسية عنه، كما ذكر في الصحف، عندها تصبح أقواله مسؤولية 1.3 مليار مسلم لا قضية مختصة بنا، وأول هؤلاء مسلمو بريطانيا الذين يمكنهم رفع الدعاوى القضائية عليه بتهمة القدح في مقدساتهم والتظاهر ضده ويقفل ملف قضيته في الكويت.
(3) لا أود شخصيا لياسر العقوبة ولا السمعة السيئة التي حصدها خاصة انه من أسرة كويتية كريمة أعرف الكثير من أفرادها الأفاضل، بل أود أن يعود عن مثل تلك الأقوال التي لا علاقة لها بالبحث العلمي أو الشرعي وأن يتفرغ لاستخدام ما يقرأ لا للطعن بالإسلام والمسلمين وزوجات النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه المنتجبين، بل للدفاع عن دين الحق في وقت تكالبت أمم الأرض عليه.