سامي النصف

الهوية الخليجية والروشتة الثورية

تمثل قصة النجاح الخليجية القائمة على التعقل والحكمة احراجا كبيرا للثوريات العربية التي تسلمت دول حضارة تملك بشكل فريد اربعة من مقومات النجاح قلّ ان وجدت في بلد آخر وهي الطاقة والماء والارض الزراعية والمناخ المعتدل واسس الاستقطاب السياحي الثقافي والديني والترفيهي الا انها انتهت بتدمير البلدان التي ابتليت بها واوصلتها الى الحروب والكوارث والمجاعات.

فبعد الدعاوى الكاذبة بفشل مجلس التعاون (قارنه بالمجالس الاخرى في المنطقة) والصياح الثورجي على معاهدات التحالف الدولية مع الديموقراطيات الكبرى في العالم بحجة عودة الاستعمار(!) من قبل من جعل من بلاده قواعد عسكرية للمستعمر الاكبر في التاريخ ونعني الاتحاد السوفييتي الذي كان يستعمر ويحكم بالحديد والنار 15 جمهورية ضمن مكوناته اضافة الى استعماره دول اوروبا الشرقية وبعض دولنا العربية حيث كان سفيره في عدن على سبيل المثال يغير حكامها بأسهل مما يغير الوان بدلاته.

وعندما فشلت جميع تلك الغوغائيات الثورية في تفكيك اواصر اللحمة الخليجية او فسخ معاهداتها مع الدول الحليفة، بدأت نغمة او اسطوانة جديدة تسفك فيها دموع التماسيح على ما سمي بـ «فقدان الهوية الخليجية» مستغلين ما نسب الى احد مسؤولي الأمن في الخليج ممن لا نعلم حقيقة ما قاله وان كنا نعلم ان المحاسبة تتم على ما يعمل لا على ما يقال حيث ان الامارة التي يتولى مسؤولية الأمن بها يقارب عدد العمالة الاجنبية فيها 90% دون مشاكل.

اننا في حقيقة الامر امام وصفتين طبيتين مجربتين، الاولى هي الوصفة الخليجية القائمة على الانفتاح والتسامح وعدم الخوف على الهوية وهي وصفة جربتها مصر في عصرها الذهبي حين فتحت ابوابها حتى منتصف القرن الماضي للملايين من الاوروبيين وغيرهم للعمل على ارضها فأفادوها واستفادوا منها حتى ان السد العالي هو فكرة مهندس يوناني مقيم في مصر ومثل ذلك قناة السويس التي هي فكرة وتنفيذ المهندس فرديناند ديليسبس المقيم هو ووالده في القاهرة وقد ساهم هؤلاء بعلمهم واموالهم مع مضيفيهم المصريين بجعل مصر «باريس افريقيا» والقدوة الحضارية التي نظر لها الالمان واليابان اوائل القرن الماضي، الوصفة الثانية هي الروشتة الثورية القائمة على النظرة الشوفينية العنصرية للآخرين وطردهم وتأميم ممتلكاتهم كما حدث في مصر بعد عام 52 وغيرها من دول ثورية ادت بها الى الخراب والدمار.

اخيرا ان الهوية الخليجية والقومية العربية والدين الاسلامي بألف خير وعافية في اقطارنا الخليجية ولا خوف عليها الا من اصحاب الطرح الثوري ممن يريدوننا ان ننظر لاخوة لنا في الانسانية، يشاركوننا بناء اوطاننا وتحقيق المعجزات القائمة، بنظرة الازدراء والطرد كي تتوقف عمليات التنمية في الخليج كما توقفت في الاقطار التي ابتليت بهم بدلا من ان يأخذوا هم بوصفتنا الناجحة فيفتحوا بلدانهم للآخرين كما تقوم بذلك جميع الدول المتقدمة التي لم تعد عواصمها او حتى منتخباتها الرياضية يتمثل بها عنصر واحد حيث وجدوا ان التنوع والتسامح هما وصفة النجاح الدائم.

آخر محطة:
لا تطمح ولا تطمع العمالة الاجنبية في التوطين او الحصول على الجنسية الخليجية لذا فمن اين اتت دعاوى الخوف على الهوية الخليجية التي هي دعوى حق اخرى يراد بها باطل؟

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *