يااااه يا دين النبي، على رأي سعيد صالح، رحمه الله، لو أن مادلين أولبرايت، وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، التي أعلنت استعدادها للتسجيل كمسلمة، دعماً للمسلمين ضد سياسة رئيس بلادها ترامب، كانت خليجية. ويااااه لو كانت مسلمة فعلاً، وتقيم في بلد عربي، وأعلنت دعمها للمسيحيين في ذلك البلد، بعد تعرضهم للتهميش أو التهديد، واستعدادها لتسجيل نفسها كمسيحية. ما الذي كان سيحدث لها؟ أو بالأحرى ما الذي كان سيحدث لأهلها وذويها وعشيرتها التي تأويها، والذين خلّفوها، وجيران الذين خلّفوها؟
على أن تهمتها التي ستودي بها إلى المهالك، ليست في إعلانها الاستعداد لتغيير ديانتها في السجلات (ملاحظة: أولبرايت لم تقل إنها ستبدّل دينها فعلياً كمعتقد، بل أعلنت تبديله في السجلات فقط، دعماً لفئة تعرضت للتهديد)، بل ستذهب وراء الشمس، لأنها خالفت ولي الأمر، الذي هو رئيس الدولة الذي “تتنعم” بالعيش تحت ظله.
لم يكفّر أحد مادلين أولبرايت، بل على العكس، وجدت الدعم والمساندة من آخرين، منهم الممثلة الأميركية اليهودية مايام بياليك التي كتبت في حسابها بتويتر: “أنا يهودية وعلى استعداد لتسجيل نفسي مسلمة”.
فلنغمض أعيننا ولنتخيل المشهد التالي: السيدة وضحة تعلن استعدادها لتسجيل نفسها مسيحية، دعماً للمسيحيين في قضية ما، وتؤيدها السيدة فوزية، ولنتخيل ما سيحدث لهما.
لا جديد، فقط سيشتعل “تويتر” وتشتعل معه بقية مواقع التواصل الاجتماعي بالشتائم واللعن والطعن في شرفهما، وشرف أهلهما، واتهامهما بالشذوذ الجنسي (أعرف أنه لا يوجد رابط بين الاتهام هذا وبين فعلتهما، لكنه الاتهام الأول الذي سيُطلق عليهما)، وبالطبع سيُتهم رجال عائلتيهما بالدياثة، وستتبرع مجموعة ليست صغيرة بتحريض أجهزة الأمن عليهما، وستُلعنان في آناء الليل وأطراف النهار، وبعد الاستيقاظ من القيلولة.
***
على الهامش: بغض النظر عن سياسات أولبرايت عندما كانت على الكرسي، وعن تأييد كثير من الأميركان لجنون ترامب. هذه المقالة تتحدث عن إعلان أحدنا دعمه لمن يخالفه الدين واستعداده للذهاب معه إلى أبعد مدى، وإعلان رفضه لقرارات رئيس الدولة… وياااااه يا دين النبي.