في تصريح لرئيس اللجنة الكويتية الوطنية للتنافسية د. فهد الراشد لجريدة الراي، عدد الاثنين، ذكر “أن 90 في المئة من الوقت (وقت القياديين) يضيع في عمليات التوقيع على الأوراق ومقابلة أفراد قد لا يكون من المهم مقابلتهم…”، وأضاف
د. فهد، وهو بالمناسبة الشخص الذي كشف وتعقب بحس المسؤولية الوطنية قضية مدير التأمينات السابق، أن “… وقت القياديين أنفسهم يهدر في أنشطة بعيدة عن صميم مهمتهم، وهو ما ينعكس على بقية العاملين بالتبعية… ونوه بأن التوجيه بالتخطيط والمتابعة لتطوير الخدمات المقدمة للجمهور، ورفع كفاءة العمل في الأجهزة الحكومية تأتي ضمن قائمة أولويات ومهام القياديين…”.
تصريح مهم، ويا ليت القياديين، ومن اختارهم كقياديين يطالعونه ويكترثون لموضوعه. ما يقوله د. فهد أن معظم وقت القياديين مشغول بالتوقيعات على المعاملات ولقاءات مع مسؤولين، وهذه أمور سمجة، تافهة، يمكن أن يقوم بها الموظف غير القيادي، لكنها المركزية الإدارية، وغياب الثقة، والقوانين واللوائح البيروقراطية في مملكة الوظيفة العامة، تفرض هذا الضياع في عمل القياديين. لماذا معظم المعاملات لا تتم إلا بتوقيع القيادي؟ ولماذا لا يجلس القيادي في مكتبه ودائماً هو مشغول باجتماع مع قيادي آخر أو لقاء مع “معالي وزير”؟ وبالتالي، النتيجة هي ليس وقت القيادي الضائع، وإنما عمر وحقوق وكرامة المراجع في دهاليز الإدارات التواكلية الفاسدة هي الضائع، حين يسمع الأخير عبارة “تعال غداً ليوقع معاملتك المدير أو يستثنيها بإلغاء شرط من ألف شرط مطلوب لاستكمالها… هو الآن غير موجود في مكتبه”…!
أسئلة تفرض نفسها مع تصريح فهد الراشد، مثل: كيف وصل القياديون الذين فرض عليهم تضييع 90 في المئة من أوقاتهم في الشكليات الإدارية إلى مناصبهم القيادية؟ وكيف تم اختيارهم؟ وما هي شروط ومواصفات القيادي حسب مواصفات الدولة الكويتية؟ وهل أوصلوا بدورهم ما تحدث عنه فهد عن حالة الضياع عندهم للقياديين الأكبر الذين يعلونهم كالوزراء مثلاً؟ وإذا حسبنا الأخيرين من فئة القياديين، فمن هو المسؤول الأخير عن ضياع 90 في المئة من وقت القياديين الوزراء طالما هم قانوناً (نظرياً) يمثلون قمة الهرم الإداري بينما هم واقعاً موظفون كبار في المشيخة الكويتية؟!
لمحاولة الإجابة عن الأسئلة السابقة يمكن أن نسترشد بكلمات مثل عشوائية الاختيار، المحسوبيات، القوانين واللوائح الفارغة… غياب مؤسسة حكم القانون والعدالة في اختيار القياديين وتداخل اختصاصات العمل… ختاماً، ليس هو ضياع وقت القياديين… إنما هو عمرنا الضائع مع إداراتكم، وكم تعب شريم من لا جدوى النفخ!