كشفت الوزيرة القديرة هند الصبيح، عن أكثر من 57 ألف حالة من مدّعي الإعاقة في الكويت، من الذين يتلقّون إعانات شهرية كبيرة من الدولة، ومنذ سنوات. وبيّنت أن بعضهم زوّروا مستندات إعاقاتهم، وجعلوها إعاقات كاملة، بدلا من بسيطة، ليتسنى لهم التوقف عن العمل والاستمرار في قبض الراتب والمساعدة!
إن هذا العدد في حد ذاته رهيب وكبير، ويدل على مدى التدهور الخلقي الذي أصاب المجتمع. ولا شك في أن هناك ما يماثل عدد هؤلاء من اقرباء واصدقاء ممن يعلمون بعدم صحة ادعاءاتهم، ولكنهم شاركوهم في التغطية عليها، وعدم إبلاغ الجهات المعنية عنهم. وتصبح المسألة اكثر مدعاة للحزن عندما نعلم أن شهادات الإعاقة الوهمية أو الكاذبة لهؤلاء شارك «أطباء» في تزويدهم بها. كما شاركهم عدد مماثل أو اكثر من الموظفين الذين استفادوا من التغطية عليهم، وبالتالي شارك الجميع في رقصة «التانكو» التي لا يمكن لشخص أداءها منفردا.
ما يحدث في «الشؤون»، وفي غيرها من المؤسسات الحكومية أمر مفزع، ويدل على درجة التدهور الأخلاقي التي وصلنا إليها. ولو تسنى لأي شخص كان سؤال هؤلاء عن سبب قيامهم بما قاموا به لجاء ردهم صاعقا بأن حجم الفساد وحالات الغش والتزوير المنتشرة، وغياب العقاب في الغالب، هي التي دفعتهم، أو سهلت لهم الغش والتزوير.
ولو نظرنا الى عدد حالات الطلاق في المجتمع الكويتي مثلا، لوجدنا انها الأعلى خليجياً، والسبب قد يكون في المكافأة النقدية الكبيرة التي يحصل عليها الزوجان الحديثو الزواج، والتي دفعت كثيراً من الآباء الى تزويج وتطليق بناتهم، وإعادة تزويجهن لأكثر من مرة، للحصول على اكبر مبلغ من الدولة، بــ «بلاش»!
لقد ثبت شرعا أن زيادة الجرعة الدينية في المناهج الدراسية لم تؤدِّ يوما الى ارتفاع مستوى الأخلاق في المجتمع، والأمر بحاجة إلى إعادة النظر في المناهج وجعلها أكثر عصرية وأكثر تركيزا على الأخلاق. وكان غريبا، في ضوء كل هذا الفساد المستشري قراءة خبر موافقة مجلس الوزراء على بناء وتجهيز 12 مركزا لتحفيظ القرآن الكريم، مع وجود كل هذا التركيز على تدريس علوم القرآن في كل مناهج المدارس، والعدد الكبير الحالي لمراكز التحفيظ الحكومية والأهلية! فهذه المراكز لن يستفيد من وجودها غير العمالة التي سيتم جلبها لإدارتها، لتزيد التركيبة السكانية خللا، من دون أن يكون للأمر مردود مباشر على المواطن.
نعيد التذكير بأن تدريس الأخلاق في المدارس قد لا يعني الكثير إن لم تصاحب ذلك ممارسة حكومية أخلاقية عالية، من خلال تطبيق القانون على الجميع، وعدم إتاحة المجال لضعاف النفوس لتخريب المجتمع.