أعيدصياغة فكرة كتبتها سابقا مع التشديد بأنها غير مرتبطة باستجواب وزير الإعلام والشباب سلمان الحمود، والذي لا أستطيع الحكم عليه إلا بعد سماع ما سيطرح في الاستجواب، مع التشديد على رأيي، قبل قراءة نص الاستجواب وبعده، بالضعف الشديد لمحور الرياضة الوارد في الاستجواب.
عموماً حديثي اليوم غير مرتبط بسلمان ولا استجوابه، بل أشدد على ضرورة مناقشة أداة الاستجواب بعد الانتهاء من الاستجواب المزمع مناقشته في نهاية الشهر.
ولكي أبدأ لا بد من الإقرار بأنني شخصيا اندفعت سابقاً باتجاه غلب عليه الغضب من سلوك الحكومة، وتحديداً في مجلس 2009، حين استغلت الحكومة أدوات كالإحالة إلى التشريعية أو الدستورية أو السرية لوأد الاستجوابات أحياناً أو تهميشها في أحيان أخرى، وأعتقد أن الغضب كان له ما يبرره حينها، إلا أنه طغى على الموضوعية.
كما أن ما حدث في مجلس 2013 من شطب لبعض محاور الاستجوابات في استحضار لسلوك نيابي قديم مورس أكثر من مرة في التسعينيات، وترك الأمر لنواب المجلس ليصوتوا على الشطب أيضاً سيكون في كثير من الأحيان، ولا أعمم هنا بل أقول في كثير من الأحيان، مرهونا بميول النائب السياسية أو المصلحية أو حتى العائلية والطائفية والقبلية بغض النظر عن محتوى المحاور.
كل ما سبق من أدوات استخدمت في التعاطي مع الاستجوابات يعدّ سليماً من الناحية القانونية على الأقل، وإن اختلف الرأي السياسي حولها، وما زال الباب مفتوحا للاجتهادات التي تعتمد على بنية المجلس وتكوينه، وهذا أمر أعتقد أنه غير جيد أبدا.
ولأن الاستجواب هو من أكثر القضايا التي تشغل الرأي العام سياسيا مهما زاد أو قل الاهتمام بمجلس الأمة، لأن الثقافة السائدة لدينا هو أن يكون الاستجواب بمثابة مقصلة قد تُسقط المستجوِب أو المستجوَب بفتح الواو أو كسرها للأسف، والأسباب كثيرة أهمها عدم موضوعية كثير من النواب في التقييم وعدم قدرة معظم الوزراء وأغلبهم من أبناء الأسرة على الرد، إما لضعف الحجة أو عدم القدرة على قول جملة مفيدة أو الاثنين معا.
فلا بد من معالجة نصية ثابتة لهذه الأداة، فماذا لو قُدّم استجواب لوزير الصحة على خلفية مناقشة مركز جابر الثقافي مثلاً؟ فما الأدوات التي يمكن للوزير اللجوء إليها لإثبات عدم ارتباطه بهذا الأمر؟
كل الأدوات المتاحة حاليا (تشريعية، دستورية، سرية، شطب محاور) وإن كانت قانونية إلا أنها مرتبطة بشكل مباشر بميول النواب، فقد يجبر وزير صحة على الصعود لمناقشة مركز جابر الثقافي لمجرد أن النواب لا يميلون إلى بقائه رغم أنه لم يخالف القانون، وقد يحرم نائب من مساءلة مستحقة لمجرد أن مصالح غالبية النواب لا تنسجم مع استجواب ما.
أعتقد أن عدم تضمين لائحة المجلس أموراً أساسية متعلقة بواحدة من أكثر أداوت الرقابة أهمية هو أمر غير مفهوم وغير منطقي أبداً، وهو ما يفتح باب الاجتهاد السيئ سياسيا على الأقل في غالبه؛ لعدم موضوعية معظم عناصر مجلس الأمة، وعليه لا بد من إقرار نصوص تقدم ضمانة جيدة للمستجوِب والمستجوَب بشكل خاص وللرقابة وأدواتها بشكل عام، وهي مسؤولية تقع على عاتق هذا المجلس، وأتمنى فعلا أن يتوجه نواب الأمة بمعية الحكومة لمعالجة ملف تسبب سابقا وسيتسبب مستقبلاً في أزمات سياسية إن لم توضع النصوص المناسبة لعلاجه.