لو لم أكن أعرف أستاذي الدكتور غانم النجار جيداً لقلت عنه إنه أحد مروجي الأوهام ودفن “البلاوي” تحت السجادة، ولكن لأني أعلم يقينا أنه، أي الدكتور غانم، يريد بث القليل من روح التفاؤل بين الناس، وخصوصاً ممن يتابعون مقالاته، فقد أوحى لهم بالأمس أن وجود هيئة معنية بمكافحة الفساد أمر كفيل بعودة الثقة بالحكومة، حتى (لو نجحت بشكل رمزي)، والكلام بين قوسين للنجار. هذه المؤسسة وبقية المؤسسات المهمة التي ذكرها النجار مرتبطة بمجموعة من الأسئلة المتشابكة إذا جمعنا إجاباتها في محصلة واحدة عرفنا الحقيقة من الخيال والنهاية قبل البداية، على سبيل المثال: من يؤسس من؟ بمعنى هل حكومتنا التي نعرفها جيداً هي نفسها الحكومة التي ستسعى جاهدة إلى إنشاء هيئة مكافحة الفساد، أو هيئة حقوق الإنسان، أو ربما الهيئة المستقلة للإشراف على الانتخابات؟
من المؤكد أن جواب السؤال الأول كفيل باختصار المشهد المؤسف الذي انتهت إليه هيئة مكافحة بنسختيها الأولى والثانية. قبل أن أواصل أعلم جيدا أن ذاكرة البعض نسيت ذكرى سقوط هيئة مكافحة الفساد الأولى بسقوط مرسوم إنشائها من المحكمة الدستورية؛ لأن النهج الحكومي نفسه الذي تسبب في تطيير مجلسي أمة بالإبطال، هو النهج ذاته الذي طير هيئة مكافحة الفساد وسمح للبعض باستعمال “الكوركتر” على صلاحياتها لتعويض نسمة العقل التي تخللت أجواء تأسيسها.
السؤال الثاني: من يختار لمن؟ بمعنى هل النهج الحكومي في تلقيم مفاصل مؤسسات الدولة بالمسؤولين العظام سيكون سويسرياً مع هيئة مكافحة الفساد فقط، وكويتياً مع بقية المؤسسات؟ “واخذ بال حضرتك” يا دكتور غانم.
أخيرا ومع السؤال الأخير هل التوقيت مناسب؟ جوابي عبارة عن رسالة استغاثة أطلقها لكل صاحب رأي مؤثر “إياكم وطرح الأفكار الجيدة في الأوقات الخاطئة أمام الناس الغلط، سيتم اغتصاب أفكاركم وتحويلها إلى أشياء تردد كلامكم الطيب، وعلى الأرض تفعل كل ما يخالفه تماما”، اللهم إني قد بلّغت اللهم فاشهد.