اختار نائب رئيس مجلس هيئة الطرق والنقل البري القبس، 7 يناير، ليوجِّه من خلالها نداءه لوزير الأشغال، بالإسراع في تعيين مدير عام للهيئة؛ فقد صدر مرسوم إنشائها قبل 30 شهراً، وتطلب الأمر الانتظار أكثر من سنة لاختيار مجلس الإدارة، ثم تجمّد كل شيء بانتظار اختيار المدير العام.
مر وزراء أشغال ثلاثة أو أكثر، ولا تزال الهيئة ـــ بكل مهامها المتشعبة والحيوية ـــ في انتظار هذا التعيين. ومن هذه المهام تأسيس شركة مساهمة لإنشاء خطوط المترو والسكك الحديدية وصيانتها، تشغيل سيارات الأجرة والحافلات والنقل الجماعي، صيانة شبكات الطرق، وتلبية متطلبات النمو المتسارع في شبكات الطرق والنقل البري.
وحيث إن هذه الأمور تتطلب جهدا ومالا ووقتا، وقبل ذلك مديرا عاما، فإن الكويت بكاملها لا تزال تنتظر تعيينه منذ سنة! على الرغم من ضياع الوقت الثمين وملايين الدنانير، فإن «صراع الأقطاب» لا يزال يعرقل الأمر! فإذا كان هذا مصير اختيار فرد، فما المصير المتوقع لبقية مهام الهيئة المتمثلة في القيام بمهام الفحص الفني للمركبات وإصدار تراخيصها، ولوحاتها وتجديدها، هذا غير تركيب وتشغيل وصيانة الإشارات الضوئية والعلامات المرورية والإرشادية، وتنظيم أنشطة النقل البري للركاب وشحن البضائع، وتوفير وإدارة مواقف السيارات والشاحنات، والإشراف على مهام تعليم قيادة السيارات، ومحطات أوزان الشاحنات، وغيرها من مهام، وكل ذلك بهدف الوصول بالكويت إلى مصاف الدول المتقدمة وتلبية متطلبات النمو المتسارع في شبكات الطرق والنقل البري؟.. هل نحن في علم أم حلم؟
من يصدق أن هيئة يكون لها مجلس إدارة، مكوّن من خبرات معروفة، يفشل بعد عام في اختيار مدير عام، وهو المطلوب منه توفير نظام نقل عام متكامل وعصري وإيجاد بدائل للنقل التقليدي باستخدام أرقى التقنيات العالمية وأنظمة النقل الذكية، والمساهمة في تخفيف الازدحام بالشوارع، إلى جانب توفير وسيلة نقل سهلة وآمنة، وإدارة حركة النقل باستخدام وسائل حديثة ومقبولة اجتماعيا واقتصاديا وبيئيا، مع دعم خطط الاهتمام بالبيئة وتقليل نسبة استهلاك الوقود، للحد من مستوى الملوثات، مع مراقبة توافر وسائل الأمن والسلامة في جميع وسائل النقل، هذا غير دعم عملية الجذب السياحي والمالي والاستثماري في ضوء توافر وسائل نقل عصرية سريعة ذات خدمة متميزة؟.. وغير ذلك الكثير، والتي تشمل حتى التشجيع على تغيير السلوكيات للحد من الكثافة والاختناقات المرورية، من خلال تغيير أساليب التنقل من رحلات المركبات الخاصة إلى إيجاد وسائل نقل أكثر كفاءة واستدامة!
ربما تكمن مشكلة الهيئة في أن بعض المشرفين على الأنشطة «المربحة» في الوزارات التي يتطلب قانون الهيئة منهم تحويلها لها، بعض منهم في الوقت نفسه أعضاء في مجلس إدارة الهيئة، وعليك الحساب! والمزعج أكثر أن هناك حركة محمومة لطرح كثير من المشاريع الضخمة، قبل نقل الاختصاصات للهيئة، والأسباب معروفة طبعاً.
* * *
بوفاة هشام العتيبي يسقط كبير آخر من الذين لم تفسدهم المناصب.
كلما غادرنا أحد من الشرفاء، أضع يدي على قلبي، خوفاً على وطني من تناقصهم!