عاش عضو مجلس الامة السابق خالد السلطان، وعضو تجمع ثوابت الأمة السياسي، حياته بحرية حتى سن متأخرة من عمره الذي نتمنى له ان يطول، فليس بيننا وبينه عداوة، بل كل احترام. بعدها قرر أن «يتغير»، وهذا حقه، ليصبح من قيادات السلف، وكل هذا لا ننازعه عليه، ولا ننكر عليه اكتفاءه بمتع الدنيا.
ولكن يبدو أن تجارب سنوات الغربة الدراسية في أميركا كان لها رد فعل عكسي ومتأخر عليه، جعله ربما يتشدد في الكثير من آرائه السياسية الدينية، خاصة تلك التي اصبح يغرد بها مؤخرا، عندما كتب: «.. لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ما سمي زورا بدار اوبرا تحول الى ملهى يجلب له المغنون واصوات مرتفعة الى وقت متأخر من الليل، والمآذن يؤمر باغلاقها». وفي تغريدة أخرى ذكر «.. بلدنا في خطر داخلي وخارجي، ونحن نفعل ما يغضب الرب عز وجل، ولا نسمع إنكاراً لما يدور في ملهى ما سمي بدار أوبرا نشاطه غير قانوني ولا دستوري»!
سنرد باختصار هنا، فالمساحة ضيقة، على تغريدات الأخ خالد، ونقول يا «ابا الوليد، أنت تمتعت بحياتك بمختلف أنواع الفنون والمعازف وما لذ وطاب من المتع، ومن يعرفك جيداً يعلم كم كنت مهتماً بها، وأن الله تاب عليك! وهذا جميل، لكن لمَ لا تريد لغيرك أن يهتم بتلك الفنون والمعازف ايضاً، ويحصل على التوبة بعدها؟! لم أنت، وهم لأ؟!».
دار الأوبرا مشروع صغير ضمن مركز ثقافي يقيم في الشهر مناسبة أو اثنتين، فهل يحوله هذا إلى ملهى؟! وإذا افترضنا أن الملهى هو المكان الذي يلهي الإنسان عن دينه، ألا تلهي قراءة الصحف وكتابة التغريدات، وإرسالها، الإنسان عن دينه أيضاً؟!
تقول إن نشاط دار الأوبرا غير قانوني ولا دستوري، ونسألك هنا: إلى أي مواد قانونية ودستورية استندت لإصدار هذا الحكم؟!
وقياساً، ما حكم محتويات معارض الفنون التشكيلية المقامة طوال العام، وصالات التماثيل في أماكن عدة، والأنشطة الفنية التي تُقام في دار الآثار الإسلامية أسبوعياً، وآلاف الأفلام التي تُعرض في عشرات دور السينما؟!
ومنذ متى تهتم الحركة السلفية، بالذات، بقوانين ومواد دستورية وضعية، وهي التي رفضت اصلاً المشاركة في الانتخابات، في ظلها، ثم تبدل موقفها، وتأتي اليوم لتصف دار الأوبرا بأنها غير غير قانونية ولا دستورية؟!
ولو افترضنا أن الأوبرا ملهى وبالتالي وجب، من المنظور السلفي، تركيز الجهود وتسخير الطاقات لإغلاقها، فهذا يعني، وعلى قاعدة «الأهم قبل المهم»، أن إغلاقها أهم بكثير من التصدي لقضايا السرقات المليونية، والخراب الإداري، وتأخير مصالح المواطنين، وتردي التعليم وجمود الوضع الاقتصادي، وغير ذلك من أولويات خطيرة، لم تتصدوا لها يوماً، والتي تبدو مشكلة ملهى الأوبرا لا شيء مقارنة بها!
تعبنا من الاهتمام بالقشور، لإلهائنا عن قضايانا الحقيقية.