«.. بُلي المسلمون بقوم يعتقدون أنهم أعرف من غيرهم، ويظنون أن الله لم يهدِ أحداً سواهم»! من اقوال المعلم «أبو علي سينا»، بتصرف!
***
يوم كتبت في بدايات الثورة السورية مؤيداً مطالبها، ومتمنياً على الرئيس بشار الاسد النظر في تلبيتها، كان غالبية من ينتقدون مواقفنا اليوم، من «الأشاوس»، الذين سبق أن تباكوا بالأمس على ضحايا حلب، ويتباكون اليوم على ضحايا إدلب، وسيتباكون غداً على ضحايا غيرهما من المدنيين العزل، ومن سنة سوريا بالذات، لا يعرفون الكثير عن الثورة، أو معنيين بها وبمطالب من قام بها. فقد كتبت أكثر من مقال معارضاً النظام السوري، معرضاً وجودي ومصالحي الكبيرة، نسبياً، في لبنان لخطر الفناء، وهو خطر كنت مدركاً حجم خطورته، في بلد لا يزال لسوريا، وحلفائها، نفوذ لا يستهان به، وأزورها أكثر من 20 مرة في العام. لكن نظرتي تغيرت، مع بقاء تعاطفي الكبير والتام مع الشعب السوري، بعد أن ملأ شذاذ الآفاق حواري المدن السورية الجميلة، واحتلت شراذمهم مناطقها التاريخية العتيقة، وعندما بدأت معاول جهلهم بهدم حضارة هي الأقدم في التاريخ، هذا غير سبي نسائها وقتل أطفالها، والتسبب في تشريد الملايين من شعبها، هذا غير ارتكاب المخيف والشاذ من التصرفات المتوحشة بحق كل مكونات الشعب، وأقلياته المسالمة والجميلة، وغالباً على يد بعض إرهابيين منحرفين وضائعين قدموا من الشيشان ودول آسيا الوسطى وأفغانستان وباكستان ودول اوروبا الغربية والعديد من الدول العربية وغيرهم، الذين لا يمتّون لسوريا بأي صلة، ولا يشكلون بينهم نسيجاً أو فكراً واضحاً، ولا يربطهم رابط غير الرغبة في القتل والحرق والتخريب، والذين لا يعرف غالبيتهم عن مدن الشام ولا عن بواديها ولا لغتها ولا ثقافتها، شيئاً، ولا يجمعهم فكر ولا تنظيم ولا موقف موحد، حتى السوريين منهم متشرذمون يدينون بولاءات متعددة لأكثر من دولة، وهم غالباً بإمرة من يدفع لهم.
نعم اكتشفنا خطأ موقفنا، بعد أن رأينا كل هذه الشراذم التي جاءت بحجة الدفاع عن حلب، فتراجعنا عن سابق مواقفنا، ليس انطلاقاً من ميول طائفية، لا ننتمي لها، ولا من منطلق تبرير أو الدفاع عن كل ما ارتكبته السلطة، ومن وقف معها من حزب الله والإيرانيين والروس من أهوال، بل من منطلق اختيار اهون الشرين. فبشار الأسد يبقى أولا وأخيرا مواطنا سوريا، ولم يمثل وجوده يوما خطرا عليّ أو على وطني، وبقاؤه في السلطة أفضل من أن يتسلم شذاذ الآفاق هؤلاء زمام الأمور في سوريا، وإن حدث، فسيحرقون ويخربون ما تبقى من سوريا، وسيمتد شرهم ليشمل دول المنطقة كلها.
لقد أعطت سوريا، ومسيحيوها بالذات، البشرية الكثير. فما الذي سيقدمه شذاذ الآفاق هؤلاء، إن تمكنوا من حكم بلاد الشام؟ وهل سيطبقون الديموقراطية فيها مثلاً؟ لا طبعاً!
الحرب، أي حرب، ما هي إلا مجزرة تدور بين مقاتلين لا يعرف بعضهم بعضاً، تدار لحساب آخرين أكبر يعرف بعضهم بعضاً جيدا، لكنهم لا يقتل بعضهم بعضاً!