نحن شعب يحب المبالغة، ويعشق تضخيم الأمور، وإلا فما تفسير كل هذه الضجة بعد سقوط سقف أحد المنازل الحكومية في مدينة صباح الأحمد، كجلمود صخرٍ حطه السيل من عل، مقارنة بما يحدث في سورية والعراق وليبيا؟
مجرد سقوط سقف منزل، أثناء وجود أهله فيه، يقلب عالينا واطينا. وكان الأجدر أن نحمد الله أن أحداً لم يمت ولم يُصب بأذى، لكن الشعب، الكاره لحكومته، الباغض لوطنه، المتشكك، أطلق لحنجرته الغاضبة العنان، وفتح فاه على مصراعيه، ودخل في المحظور عبر طرح أسئلة لا يمكن أن يطرحها من يحب الكويت: “من هو المقاول؟ ولماذا يتم إخفاء اسمه؟ ولماذا لا يجرؤ أحد على مساءلته ومحاسبته؟”، وما شابه من الأسئلة التخوينية التشكيكية الحاقدة، التي تقود إلى استجواب وزير الإسكان وتطالب باستقالته، وقد تقود إلى تعويض المواطنين المتضررين، والعياذ بالله.
ولو أننا، كشعب، انتبهنا للمخاطر المحيطة بنا، وقدّرناها حق قدرها، ما كنا أشغلنا حكومتنا الرشيدة بمثل هذه التفاهات، ولا أضعنا وقتها في مثل هذه السخافات. ففي الشمال داعش والحشد الشعبي يتبارزان على الفوز بلقب “السفاح”، وفي الغرب صراع لا يكاد ينتهي في سورية، وفي الغرب البعيد تحترق ليبيا، وفي مصر أزمة سكر ودواء، وفي نيجيريا قلاقل ومشاكل، وفي كوريا الشمالية شاب نزق يريد أن يرى بنفسه ما الذي سيحدث بعد احتراق الكوكب، وفي تشيلي زلزال يمهد الطريق لزلزال أكبر، ووو… وأن نشغل حكومتنا الرشيدة بسقوط سقف كاد يقتل طفلة، في ظل أحداث كهذه، فهذا هو الدلع المصفى.
يا سيدات ويا سادة، سقفٌ استوى ونضج فسقط، وأسقف مجاورة على وشك النضوج، تستعد للسقوط، فاحمدوا الله على نعمه، واتركوا الدلع، وتحملوا قسطاً من المسؤولية، وموتوا لأجل هذا الوطن، كي يحيا المقاول وتبقى الحكومة.