من مميزات الأغلبية البرلمانية في مجلس فبراير 2011، أنها كانت عقلانية في أدائها البرلماني، وتعي جيدا أنها جاءت بهدف تغيير رئيس الحكومة وكان لها ذلك، وتعي ايضا أن أغلبيتها برغم اختلاف مشاربها الاجتماعية والفكرية فإنها لن تستمر إلا إذا رفعت شعارات متفق عليها من الجميع، وإذا ابتعدت عن الاستجوابات لأنها مصيدة النواب! فهي تزعزع الصفوف ولا ترصها، وباب تدخل معه رياح الحكومة لتعصف ببيت الأغلبية البرلمانية.
لذلك لم تستجوب إلا وزير المالية وعلى مضض.
فحافظت على أغلبيتها للتلويح فيها على الحكومة «بأنها من الممكن ان تطرح الثقة بالوزراء أو ألا تتعاون مع رئيس الحكومة في أي لحظة» فمبدأ التلويح باستخدام القوة خير من أستخدامها بالفعل، لأنك اذا واجهت خصمك ولم تستطع سحقه، أو الانتصار عليه على الأقل، فإنك ستفقد بعد ذلك، القدرة على تهديده لينصاع لك.
شبه الأغلبية البرلمانية الحالية ربما لا تتفق إلا على مبدأ رفض استخدام ورقة الجنسية والمواطنة للمساومات السياسية كعقوبة او مكافأة، وحل مشكلة التوقيف الرياضي، والا تمس إجراءات الحكومة لإصلاح الاقتصاد جيب المواطن.
أغلبية برلمانية لم تتفق على مرشح واحد لرئاسة البرلمان، فرشحت اثنين وصوتت لثالث، فهل ستصمد أمام إغراءات الحكومة وتهديدها.
ختاما: أنصح النواب بعدم الاستعجال باستجواب الوزراء إذا كنتم تريدون حل المشكلات التي تتفقون حولها وتتمسكون فيها بدرجات متفاوتة، فمهلة الشهرين التي طلبتها الحكومة ليست بالكثيرة، فالمغامرة بالمواجهة المبكرة قد تأتي بنتائج عكسية على تلك القضايا وعلى البرلمان.
الخلاصة: للقوة مهما كبرت وعظمت حدود، منها ماهو دستوري، أخلاقي، سياسي واقتصادي، على من يمارس السياسة أن يفهمها ويقدرها ويتعامل وفقا لها.