لم يتزعزع إيماني أبداً بمقدرة شبابنا على إحداث الإصلاح الذي طال انتظاره، بعد أن هرمت الحركة الإصلاحية الوطنية، وعجزت عن تطوير فكرها وطريقة عملها.
فشبابنا ليس معزولاً عما يجري في العالم، بعد أن حولت ثورة الاتصالات الكرة الأرضية إلى قرية واحدة.
شبابنا لم يكن معزولاً عما يجري في العالم. فالربيع العالمي الشبابي أخذ يطيح ببقايا أنظمة بالية مهترئة في جميع أنحاء العالم. نجاح TRUMP الأميركي الذي فاجأ العالم كان بسبب ضيق المعيشة للضعفاء، بعد فضيحة كارثة العقار التي أدت لفقدان الكثيرين منازلهم المرهونة للبنوك، التي لم تتردد في مصادرة مساكنهم بعد أن عجزوا عن تسديد الأقساط المستحقة، فسكنوا الطرقات والحدائق العامة، وعجزوا عن تدريس أطفالهم أو تقديم الرعاية الصحية لهم. فأملوا من هذا التاجر الملياردير الناجح تجارياً أن يوفر لهم فرصاً للعمل والتحرر من الفاقة.
أما في الكويت فإن أبسط معاملة للمواطن لا يمكن أن تتم من دون دفع الرشوة أو الاستعانة بنائب الخدمات، بعد أن تم إفساد الجهاز الإداري، وأصبح الولاء الشخصي وليست الكفاءة المعيار الوحيد للحصول على الوظيفة.
ومما زاد الطين بلة هو تحميل المواطن دفع فاتورة سرقات المافيا المالية المتحكمة في مفاصل الدولة كلها. وسيطرتها على استثماراتنا كلها، رغم جهود ديوان المحاسبة والمخلصين الذين قدموا استقالاتهم من هذه المؤسسات لعدم تجاوب السلطة.
وبالرغم من كل هذا الواقع المؤلم، كنت اكتشف واحات مشرقة لمبادرات أبنائنا في القطاع العام والتطوعي عن إنجازات مميزة، بالرغم من كل هذه المصاعب والمحاربة من أعداء الإصلاح المتنفذين والمنتفعين، ومع كل هذا لم أفقد الأمل في الإصلاح.
صوت هذه الكفاءات المطالبة بالإصلاح جاء مدوياً، بعد أن أتيحت لها الفرصة للتأثير، ففجر هذا الوضع الآسن، ليفجر ينابيع الأمل.
الدعوة إلى انتخابات مبكرة كانت الفرصة الذهبية لاغتنامها لإحداث الإصلاح. هذا هو الذكاء السياسي الذي يدرس الواقع ويتفاعل معه تماماً، كما كانت الحركة الوطنية تمارسه في بداية عملها مبتدئة بالأندية الرياضية، بعد أن قصرت السلطة النشاط الشبابي على الرياضة فقط.
السلطة تلجأ إلى كل الوسائل الممكنة لمنع المعارضين من الوصول إلى أي موقع مؤثر والمقاطعة السلبية تغني السلطة عن عزل المعارضة الإصلاحية.
المقاطعة الفعالة لها شروطها. وهذا تمت مناقشته بشكل واسع، اشتركت فيه كل القوى الإصلاحية في انتخابات عام 1971، وفصلته بكتابي “من الإمارة إلى الدولة”، ولا داعي لإعادته الآن. لم أخسر الرهان عندما وثقت بكم، لا، بل فاجأتموني بحجم انتصاركم.
آمل أن تتضافر جهودكم في تنفيذ البرنامج الإصلاحي المطلوب، والذي أصبح واضحاً للجميع، فركائزه موجودة في الأحكام العامة بالدستور، وتذكروا دائماً أن الاختلاف في الرأي يفيد للوصول إلى القرار الصحيح، وحذار من اعتبار الخلاف في الرأي عداوة وتفرقة، فهذا الدمار الأكيد لأي حركة إصلاحية.
حب الكويت يجمعكم والإصلاح هدفكم والله يوفقكم، وتحرير جميع سجناء الرأي في الداخل والمبعدين في الخارج مهمة إنسانية، ورد اعتبار للإرث الكويتي في حرية الرأي واستقبال الأحرار العرب والمطاردين واستضافتهم وحمايتهم، حتى لما كانت الكويت تحت الحماية الأجنبية، فلا يجوز أن نقبل بأن تتحول الكويت إلى سجن للأحرار بعد أن كانت ملجأ للأحرار، فلتسموا جميعاً حكومة وشعباً عن مثل هذه الممارسات المهينة لنا ولكويتنا القدوة التي نفاخر بها.