أمس خلصنا الى ان هناك حلولاً مرة يجب ان يجري تقبلها حتى نواجه ككويتيين معضلات انحسار اسعار النفط. فإما ان تتخلى الحكومة عن اجراءاتها الاقتصادية وتساير النواب في «شعبويتهم»، وإما ان يتقبل النواب وناخبوهم على مضض الاصلاحات الاقتصادية ويتكيفوا مع الانخفاض المتوقع في الرفاه الذي تمتعوا به في السنوات الماضية.
لكن الواقع ان الامر ليس بهذه البساطة، فانحسار او تراجع اسعار النفط ليس مشكلتنا الاساسية او الوحيدة، مشكلتنا الاساسية هي اعتمادنا على النفط كمصدر وحيد للدخل، ومشكلتنا الرئيسية ايضا اننا نستهلك بشراهة وبلا حساب، بمعنى انه لو افترضنا ان اسعار النفط استقرت، وانها لن تنخفض عن الحد المقبول لنا لسنوات او بالاحرى عقود، لو حدث هذا فانه لن يحل بشكل اساسي مشكلتنا، اذ سنبقى معتمدين على النفط، وسنبقى نستهلك بشراهة وازدياد بحيث تتعدى في النهاية كلفة استهلاكنا مداخيلنا النفطية. اي اننا سنواجه عجزاً في الميزانية شئنا ام أبينا. وستجد الدولة أو الحكومة نفسها مجبرة على فرض الضرائب، او رفع الدعوم او زيادة اسعار الخدمات التي تقدمها او تقليصها. وعندها سيغضب الناس وسيثورون على الحكومة «التي تقاعست عن القيام بالاصلاح ولم تتخذ الاجراءات المناسبة لمواجهة عجز الميزانية المتوقع»..!! لن يلوم الناخب نفسه ولن يحمل نواب الشعبوية المسؤولية.. بل سيجلد الحكومة، وسيحملها وحدها كالعادة تبعات التحديات والازمات التي تقلق راحته.
اي ان الخلاف بين المجلس والحكومة قادم لا محالة. او الانفجار العام قادم لا محالة. في القادم من ايام.. او بعد تآكل ونضوب الاحتياطيات العامة التي سنضطر الى تسييلها.. شيئاً فشيئاً، واستخدامها لتغطية شراهتنا الاستهلاكية.
لن ينفع الترشيد هنا او التقتير هناك.. ما دمنا «لا ننتج» ومادمنا نواصل اعتمادنا على النفط كمصدر وحيد للدخل. فان هذا النفط سينضب او ستنخفض اسعاره او سيجري استبداله بمصادر اولوية للطاقة او حتى كمادة خام.. حتى بافتراض المستحيل، وهو تزايد اهمية النفط وتضاعف اسعار براميله فان شراهتنا الاستهلاكية ستتعدى المداخيل النفطية او ان «الماء – في النهاية – سيزيد عن الطحين» ولن نجد ساعتها خبزا نأكله.