لم تتغير شيئاً كثيراً تركيبة مجلس الأمة، لأنه أصلا لم تتغير طبيعة واتجاه الناخب الذي افرز هذا المجلس. ومن وجد «هذا سيفوه وهذه خلاجينه» صعبة، فمن الممكن تسهيلها عليه بالمثل العربي «هذه العصا من تلك العصية»، او بالمثل الشامي او الفلسطيني «اقلب الجرة على تمها.. تجي البنت على امها». يعني في النهاية هذا هو الناخب الكويتي وهذه خياراته.
لا شك في ان هناك وجوها جديدة تبدو واعدة. ولا شك ايضا في ان هناك خبرات برلمانية عريقة، كعبدالله الرومي ووليد الطبطبائي وجمعان الحربش، رغم تناقض طبيعة الاخيرين والنظام الديموقراطي قد تمت اضافتهم اليه، لكن تبقى «الشعبوية» هي السمة الغالبة على المجلس الجديد.
صحيح اننا لا نعرف شيئا عن النواب الجدد. وليس من حقنا وصفهم تبعا لهذا بالشعبوية. لكن هذا الوصف ليس محض خيال او تجنيا على السادة النواب. بل هو استنتاج طبيعي تقود اليه ظروف انتخابهم وظروف واسباب استبعاد من حلوا بدلا عنهم. الناخب الكويتي استبعد بقوة نواب المجلس الاخير واختار من يعتقد أنهم سيحافظون على «مكتسباته الريعية» او من وعدوا وتعهّدوا بالحفاظ عليها وعدم المساس بها. هذا يعني ان المجلس الحالي مجلس شعبوي. وانه بالتالي سيصطدم مع الحكومة، ولن يتقبل سياساتها الاصلاحية.
هذا يعيدنا الى المربع الاول، الى اسباب حل المجلس والى الصراع المتوقع بين الحكومة والمجلس الذي سينتهي بلا شك الى عدم التعاون. عدم التعاون المتوقع يعني حل مجلس الامة في بدايته، وهو امر تم استهلاكه وتكراره بشكل يكاد يكون مملا في السنوات الاخيرة.
إذاً حل المجلس لا يبدو قرارا سهلا او خيارا متاحا بسهولة كما كان الحال في السابق، ما يعني امرين احدهما مؤكد بلا شك. فإما ان تستسلم الحكومة، اي الدولة برمتها للمطالب «الشعبوية» وتتم مواصلة الرفاه الريعي الحالي، ما يعني استمرار اعتمادنا على النفط ومواصلة هدر وتبديد الثروة الوطنية، وإما ان يستشعر نواب الامة خطورة الامر، ويختاروا الرضوخ للواقع المر بدلاً من الرضوخ لرغبات ناخبيهم.