يمكن اختصار نتائج انتخابات 2016 بأنها “طراق” مستحق لمجلس 2013، فصناديق الدوائر الانتخابية جاءت بتسونامي تغيير على النحو التالي: الأولى 50%، الثانية 40%، الثالثة 70%، الرابعة 80%، الخامسة 60%، أي دخول 34 نائباً جديداً وهذا الرقم يمثّل الأغلبية المطلقة في البرلمان.
كان البعض يعتبر النقد المستمر للمجلس السابق استقصادا شخصانيا لمجرد النقد، في حين كنا نكرر بأن الشعب يزداد غضباً يوماً بعد يوم من أداء ذلك المجلس ومسرحياته الهزيلة الذي أفقد السلطة التشريعية قيمتها وهيبتها وتعبيرها عن هموم الناس وطموحاتهم، ولكن من باب أن “الضرب في الميت حرام” يكفي ما سطرناه عن إخفاقات المجلس السابق، والأذى الكبير الذي ألحقه بالكويت والكويتيين في مقالات امتدت ثلاث سنوات!
مؤشرات الانتخابات الأخيرة قد تفتح أبواب الأمل والتفاؤل في المشهد السياسي على أكثر من صعيد، فتركيبة المجلس القادم لم تختلف في تنوعها المجتمعي بين مكونات الشعب الكويتي من سنة وشيعة وحضر وقبائل عن أي مجلس سابق منذ 1963، ولكن نتمنى أن تكون العقول قد تغيرت في كل هذه المكونات وخطابها السياسي، والأهم من ذلك في أدائها النيابي باعتبار أن كل نائب جديد يمثل الأمة.
نتائج الانتخابات كشفت ولله الحمد انحسار الخطاب الطائفي أو جانبا كبيرا منه عبر سقوط العديد من رموزه على الجانبين، وحتى من فلت من هذه الفئة فقد تراجع ترتيبه في مؤشر على أن هذا النوع من الخطاب الكريه لم يعد أولوية لدى المواطن العادي.
نتائج الانتخابات كشفت أيضاً السقوط المدوي للنواب الحكوميين، وعودة النواب المدافعين عن حقوق الشعب ومكتسباته ومن توعدوا الحكومة بسلاح الإصلاح ومحاربة الفساد وتعديل الاعوجاج، لذا كانت كثافة المشاركة التي تجاوزت 70%، وهو رقم نسيناه منذ التحرير في انتخابات 1992. أما الشباب فلم يكونوا نجوم الانتخابات كناخبين فقط بل كمرشحين أيضاً، فأبدعوا في طرحهم وشجاعتهم السياسية وملامسة العلل الأزلية وتقديم الحلول والمقترحات لمواجهتها، كما أن جمهور الشباب من الناخبين عملوا كخلية نحل وجسدوا الحراك الحقيقي في الزيارات الميدانية وفي وسائل التواصل الاجتماعي، وتنقلوا بين الدوائر المختلفة لمؤازرة المرشحين الذين تأملوا فيهم الخير، فأسقطوا شخصيات “تعشعشت” في البرلمان وأسقطوا بقايا “القبيضة” من النواب، وأسقطوا أصحاب الطرح الفئوي والمذهبي، وأسقطوا الوزراء وأسقطوا نواب الحكومة المدعمين بكل أسلحة المعاملات والترضيات وشراء الأصوات والفرعيات.
الرسالة كانت واضحة وجلية، ولكن هل تفهمها أو تتقبلها الحكومة، وهل تستوعب الحكومة هذا الدرس في تشكيلها القادم وبرنامج عملها وخططها لمستقبل أفضل للكويت وأبنائها، فهذه سابع انتخابات منذ عام 2003 وبنماذج وآليات انتخابية مختلفة من حيث توزيع الدوائر أو نظام التصويت، ومن حيث تركيبة المجلس نفسه، في حين لم تتغير الحكومة في فكرها ومنهج عملها وتعاليها على المبادئ الدستورية.
الحكومة إذا لم تستوعب درس انتخابات 2016 بجد وبهذا الفكر الشبابي الجارف، فلتكن مستعدة لمجالس قادمة يكتسحها الشباب أكثر وأكثر، وعندها ستواجه “طراقا” آخر لا يقل ألماً عن طراق مجلس 2013!