نجح من نجح وسقط من سقط في الانتخابات النيابية الأخيرة، التي على الرغم من كل مثالبها، فانها تبقى مثالنا على تميزنا في محيطنا، وتضعنا في صف الدول الأكثر حرية ومحبة وسلاما.
لقد حذرنا مرارا وتكرارا من إقحام اللحية الدينية أو الرداء الديني في دهاليز السياسة ومعاركها، التي قد تتصف أحيانا باللاخلاقية والبرغماتية والوصولية، التي تؤمن بالمصالح الدائمة على حساب المبادئ الدائمة، ولكن يبدو الأمر أن بريق الدنيا في أعين هؤلاء أكثر إبهارا من بريق الآخرة. ولقد انتبه الآباء المؤسسون للدستور الكويتي لهذه الجزئية في جانب حرصهم على النأي بأفراد الأسرة الحاكمة عن خوض الانتخابات النيابية، لكي لا يفسر نجاح أحدهم بانه نتيجة تدخلهم أو خسارته وكأنه إشارة لتآكل احترامهم او محبتهم. وبالتالي كان من المفترض أن ينأى صاحب العمامة، والمنتمي للتيار السلفي المتشدد، عن خوض الانتخابات لكي لا يفسر فشل أحدهم وكأنه فشل لتيارهم المذهبي، ولكن من الواضح أن غالبية المنتمين الى هذين التيارين، وفوقهم الإخوان، قد اعمتهم مصالحهم الشخصية عن المبادئ السامية!
كم كان جميلا رؤية المرشحين الشباب، على الرغم من قلة الإمكانات المادية لغالبيتهم، وانعدام خبراتهم السياسية، وهم يطيحون بعتاولة كبار، ويزيحون مخضرمين، وسيئي سمعة، وثراة، من صدارة القوائم. كما شكل فوزهم، وبقية الإصلاحيين، ضربة لقوى التخلف، وسيشكل أيضا دافعا لأن تكون الوزارة القادمة أكثر قوة وصلاحا. كما اثبت نجاح هؤلاء الشباب التأثير الهائل الذي اصبحت تمثله وسائل التواصل الاجتماعي، والتي قاموا باستخدامها بأفضل طريقة، فكانت عاملا فعالا في ايصال رؤاهم وبرامجهم للناخبين الجادين. كما كان جميلا ملاحظة نجاح أغلب من تمنينا فوزهم بمقاعد المجلس.
ولوحظ نجاح بعض ممثلي الطائفية والتطرف الديني في الوصول الى قبة البرلمان، ولكن تأثير هؤلاء السلبي لن يستمر، إن ساد النفس الإصلاحي أعمال المجلس، أو هذا ما نتمنى.
كان مؤسفا عدم فوز الوزير السابق يعقوب الصانع، وبعض فتياتنا الرائعات، ولكن قابل ذلك سعادة بخسارة العمير وزلزلة والطريجي ومعيوف وباقر والدويسان والخنة والحمدان. كما كان رائعا فوز صفاء الهاشم في الانتخابات، على الرغم من كل ما تعرضت له من شطب، لأكثر من مرة، وكان إصرارها أنها صاحبة حق أمرا يحسب لها.
كما كان لافتا للنظر بلوغ نسبة المشاركة سبعين في المئة، على الرغم من «استمرار» معارضة قطاعات حيوية للانتخابات، وهذا قد يكون دليل حيوية الشعب الكويتي، او قد يكون دليل تجذر استقطابه لهذه الجهة أو تلك، المضادة لها.
الطريف، أو المضحك في الموضوع إصرار بعض المرشحين، الذين كنا نعتقد انهم «فاهمين وعقلاء»، على الترشح على الرغم من سابق علمهم بأن حظوظهم في الفوز ضئيلة جدا، وبالتالي تعريض أنفسهم وسمعتهم لبهدلة كانوا في غنى عنها!