إن طاب بك ولك المقام وتكرمت علينا بسؤال، سيدي (الفاسد)، فإنني أود أن أسمع منك شخصيًا: «تسرق (وطايح بوق ونهب من سنين)، وتلهف ما يقع تحت يدك، وها أنت في أحسن حال، لا مساءلة ولا سجن ولا يحزنون، ألم تتعرض طوال سنين (البوق والنهب) ولو لسؤال واحد عما تفعل؟ أو على الأقل، تعرضت لتهديد ولو لساني من باب (قرصة الأذن)؟
– الفاسد: ومن قال لك أنني أفعل ما أفعل متخفيًا؟ ثم من قال لك أنني أسرق وأنهب و(ألهف) من المال العام؟ كل ما أفعله هو أنني أجد بعض الفرصة لسحب مبلغ هنا أو (خريدة هناك)، مما أفاء الله به علي وعلى والدي وعلى المؤمنين والمؤمنات، وأقوم بتوزيعها على المعوزين من المواطنين، ومن الأهل والأصدقاء والأقارب، وأتصدق عليهم وأسهم في تخفيف مصاعب المعيشة عنهم.
– أها… يعني كأنك (جابر عثرات الكرام)، أو شيء من هذا القبيل… لكن، يا سيدي الفاسد، وأعتذر عن استخدام (كلمة فاسد) لطفًا، ألا تخشى أن تأكل وتشرب وتتنعم في مال حرام؟
– أولًا، لا أجد أن كلمة (فاسد) تضرني أو تسيء إلي أو إلى مكانتي في المجتمع. على العكس من ذلك، فالكثير من أبناء الشعب يعلمون أنني مجرد شخص (مفترى عليه… مظلوم… أأأأأ… مستهدف… أأأأأ… محقود عليه… أأأأأ… إيران هي السبب… وما انتشار الاتهامات ضدي في التقارير وغيرها وما يتسرب إلى الصحافة وإلى مسامع الناس، إلا دليل على أن هناك من يريد أن يجعلني أبدو أنني (فاسد)… والله شاهت الوجوه… لقد شاهت الوجوه نعم، وفشلوا وذهبت ريحهم وبقيت أنا.
– في وين (بقيت)؟ في البوق يعني… تقصد أنك مستمر في النهب والسلب! قد يبدو ذلك منطقيًا فهناك 13 تقريرًا للرقابة المالية والإدارية مثلًا فيها الكثير من الاختلاسات والتجاوزات والمخالفات… بالتأكيد أنت منهم؟
– هم أبرياء أيضًا… إنما لو كانوا وأنا معهم من المجرمين المعتدين على مقدرات الوطن والشعب، ولو (لا سمح الله)… كنا من غير الموثوقين وغير المؤهلين لمناصبنا ولحمل الأمانة الوطنية، لما بقينا طوال هذه السنين نخدم الوطن والمواطن؟
-عدل… كلامك مئة في المئة عدل… أصلًا نحن كمواطنين لا نستغني عنكم، وكم هي جميلة عبارة (الله لا يغير علينا)… حتى لو رحنا في ستين داهية… عمومًا، وسامحني على التطفل وهذا السؤال البايخ: كيف تسرق؟ هل هناك طريقة ما تستفيد منها الأجيال للحفاظ على (الكروش ممتلئة) وينعم أبناء البلد بالرخاء والسعادة؟
– يطيب لي أن أجيب عن هذا السؤال المهم، ذلك أن النوايا هي الأساس… الوطن أولًا… قيادتنا وولاة أمرنا وشعبنا هم الأهم ولا شيء أهم من أن نكون مخلصين للوطن، ثم عبارة (الله لا يغير علينا) تعكس حقيقة ما نحن فيه من صلاح وفلاح وإخلاص في العمل لخدمة البلاد والعباد… إي والله… (الله لا يغير علينا)، ولهذا تسألني كيف أسرق! ولا أدري لماذا أنت مصر على اتهامي بالسرقة والفساد؟ فيما حتى أجهزة التدقيق والرقابة والكشف لم تتمكن من إثبات تهمة علي وعلى أصحابي والتابعين لي ولهم… على أية حال، ما أريده من خلال منبرك هذا أن أقول للناس: «أيها الكرام… لاتصدقوا ما يقال… وكل ما تسمعون عنه من ملايين من الدنانير راحت بلاش إنما هي أكاذيب ومحض افتراءات… بل هي في الحفظ والصون»
– لعلني يا سيدي الفاسد، ألتمس منك العذر وأمضي إلى حال سبيلي بعد أن تخبرني «ألا تخشى من العقاب يوم القيامة؟ يعني قصدي ألا تهاب من أن تأكل وتشرب وتطعم عيالك وأهلك من الحرام ومن مال حرام؟».
– قوم اطلع بره لا أحذفك وراء الشمس… الحمد لله أنني إنسان موحد… مصل… صائم… متصدق، وتأتي أنت وأشكالك لتعلمونا دين الله وتعلمونا الحلال والحرام… بررررررررع.