هل يوجد كويتي غيور يمكن أن يرى أمنا الكويت بجروح دامية وقد لا تندمل إطلاقاً؟! ترضيكم يا أهل الكويت الحال التي وصّلتم لها بلدكم؟!! أنا لا أخاطب عواطفكم ولا «أهيض» مشاعركم مثل ما نقول بالكويتي، أنا أتخاطب مع عقولكم وبالمنطق، وأتحدث إلى ضمائركم، لعلنا جميعاً نفيق ونستيقظ قبل فوات الأوان، فلم تمر على الكويت حقبة تاريخية ولا انتخابات برلمانية أسوأ من الانتخابات الحالية!! تعرفون لماذا؟.. لأن الخطاب الوطني «وحدة البلد» و«تماسك النسيج الاجتماعي» وصل إلى حافة الهاوية، فقد حمل لنا نظام الصوت الواحد الذي صدر بالمرسوم بالقانون رقم 20 لسنة 2012 أسوأ آليات تفتيت المجتمع الكويتي تحت مبرر، ودعوة أنه «يضمن التمثيل المتوازن لمختلف شرائح المجتمع الكويتي وفئاته، ويحد من احتمالات الاحتكار الفئوي والقبلي في الدوائر الانتخابية إذا ترك الأمر من دون تقييد». كما جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون، إلا أن الحقيقة التي كرّسها هذا القانون هي أنه قد أدى الى تفتيت المجتمع، وهو ما يفهم صراحة من عبارات المذكرة الإيضاحية المشار إليها أعلاه!
فماذا يعني التمثيل المتوازن لكل شرائح المجتمع وفئاته؟! إنه بتفسيرنا دعوة صريحة ومباشرة لإذكاء العصبيات وتدعيم تشرذم المجتمع، وهو فعلاً ما لمسناه على أرض الواقع في انتخابات ديسمبر 2012 ويوليو 2013، وبلغ ذروته في الانتخابات الحالية، إذ برز الاصطفاف الفئوي والاجتماعي والعائلي والمذهبي داخل القبيلة الواحدة، وضمن الفئة الواحدة وفي نطاق الشريحة الاجتماعية وعلى مستوى التعصّب المذهبي داخل الطائفة والتداعي على أساس مناطقي!! وما أسوأ هذا من خطر وتمزيق للمجتمع وتحويله إلى جزر ذات رمال متحركة كل منها يبتلع قيم البلد ومبادئه الديموقراطية وركائزه الدستورية، ويهدر قوة وتماسك نسيجه الاجتماعي الذي شيّده الأجداد والآباء، وسطرته ملاحمهم التاريخية، وانعكس وتوثق بالنصوص الدستورية!!
فأين «وحدة الوطن» و«الوحدة الوطنية» وتمثيل عضو المجلس «للأمة» التي تشكّل منطلقات ومبادئ النظام الدستوري في ديباجة الدستور وفي نصوصه المتفرقة، وفي مذكرته التفسيرية؟!!
إن ما يحدث اليوم هو تفتيت للكويت وتمزيق لكيانها وتآكل لنسيجها الاجتماعي والتاريخي والسياسي ويتركها محملة بجراح دامية لا سبيل إلى أن تندمل أو تتعافى منها، فقد بلغ حال التنكر عند معظم الأبناء لأمهم الكويت أن تسابق معظمهم إلى «هستيريا الزار السياسي» الممزق للبلد، طمعاً في الكرسي أو الوجاهة أو تمثيل المذهب داخل الطائفة أو فرع الفخذ داخل القبيلة أو شريحة اجتماعية ضيقة في نطاق شريحة أوسع أو فئة، وهو يدق مسماراً أخيراً في نعش إهدار البلد وانهياره!
إن الانتخابات الحالية تحمل في طياتها أسس بطلانها وضمن قانونها مبررات عدم دستوريتها، وفي ممارساتها جوهر إلغائها، إن قانون الصوت الواحد بيت الداء في إهدار المبادئ الدستورية، والتنكر للنظام الديموقراطي الحق، ومجافاة محورية الوحدة الوطنية التي كرّسها الدستور، فهو أسوأ مرحلة بلغها نظامنا الانتخابي الذي سادته ذات العيوب أيضاً بنظام الدوائر الخمس بأربعة أصوات، وقبله نظام الصوتين بــ 25 دائرة، فهلا أفقنا جميعاً قبل فوات الأوان؟!.. «حسافة عليج» يا كويت!