وافق مجلس الوزراء على مشروع مرسوم بإعادة تشكيل المجلس الأعلى للتعليم برئاسة وزير التربية وعضوية وكلاء وزارات وهيئات معنية بالموضوع التربوي، إضافة الى شخصيات مستقلة مثل، مساعد الهارون ورشيد الحمد وعبدالرحمن الغنيم وحنان المطوع ونايف المطوع، وسعاد الأنصاري.
يجب الاعتراف أولا بأن لا الكويت ولا التعليم بشكل عام، استفادا يوما من وجود المجلس الأعلى، الذي يبدو اسمه أكبر من فعله. ونتمنى أن يكون المجلس الحالي، يبعث فينا أملا أصبحنا نفتقده صباح كل يوم.
لقد عاني التعليم في الكويت، في السنوات الثلاثين الماضية، والذي كان قبلها رائدا ومتقدما، عانى على يد قوى الإخوان والسلف والتلف الكثير. وبالتالي من المهم أولا تخليصه من آفة التخلف المتمثلة في وجود ممثلي هذه الأحزاب الدينية في مراكز القرار، ومن ثم إعادة نظر جذرية في كل مناهج التعليم، وجعلها عصرية وممثلة للواقع العالمي، وهذا أمر سهل قوله، صعب تنفيذه لتعلقه كما يبدو بالأمور السيادية للحكومة، فهو يتطلب قراراً سياسياً غير متاح للقوى المستنيرة داخل المجلس الأعلى الحالي.
إن البراهين على تخلف التعليم، وبالتالي مخرجات مدارس الدولة، وبالنهاية مستوى أداء الموظف، او المواطن عموما، طاغية ولا تحتاج خبيراً لكي يؤكدها، وهي، بصراحة، نتاج تسليم مقاليد التعليم للأحزاب المتخلفة. وبالتالي من السخف تصديق ما ادعاه بعض الجهلة من أن غالبية- إن لم يكن جميع- وزراء التربية في السنوات الأربعين الماضية كانوا من المعتدلين سياسياً، او من المنتمين الى التيار الليبرالي! فغالبية هؤلاء، ان آمنا بأنهم كانوا ليبراليين، لم يقوموا بفعل شيء لتطوير التعليم، إن لم يساهموا مع غيرهم في تخلفه، ففي عهد أكثرهم «ليبرالية»، ولو ظاهرياً، صدر قانون منع الاختلاط، تحت سمعه وبصره، ومباركة حكومته، من دون ان يعترض أو يحتج أو يستقيل، أو يرف له جفن! والسبب يعود إلى حقيقة أن من يدير السياسة التعليمية ليس الوزير أو المجلس الأعلى للتعليم، بل الحكومة التي لا تود أن تغضب قوى التخلف، ولو على حساب الوطن.
كما أن العدد الكبير لأعضاء المجلس لا يتواءم مع ما أصبحت تتطلبه عملية التطوير من سرعة. كما أن اتجاهات «بعضهم» لا تتفق بالضرورة مع فكرة اصلاح المناهج. والأخطر من ذلك أن المجلس دوره استشاري. فقد يبذل أعضاؤه أقصى الجهود للوصول الى أفضل النتائج، لكنها لن تعدو في النهاية أن تكون توصيات توضع أمام رئاسة الحكومة لتنسى بين عشرات الملفات المستعجلة الأخرى، الأكثر سهولة في الفهم والتنفيذ. كما أن عودة الوزير العيسى في التشكيلة الوزارية المقبلة، أمر غير مؤكد، وهذا أمر نتخوّف منه، فقد يأتي من يعيدنا الى المربع الأول، وتتوقف عجلة التجديد والإصلاح ثانية، وهذا ما لا نتمناه.