بصراحة، أنوي تحريض الناس على أن يتمردوا ولا يخافوا من أولئك الذين يستعينون بمسئول وكائن من يكون من معارفهم – أو استخدم نفوذه هو – في النيل من الآخرين… ولاسيما حينما يطلقها في وجهك ويقول: «يصير خير… أراويك»… لا تخنع أو تخضع له أبداً «بشرط أن تكون على حق»!
ولمن لا يعرف معنى كلمة «أراويك» من الإخوة العرب من خارج منطقة الخليج العربي، والذين يوجهون لنا اللوم أحياناً على عدم فهم بعض الكلمات الشعبية أو التراثية أو المكتوبة باللهجة العامية، يؤسفني أن أقول لهم أن كلمة «أراويك»… ليست «أرائك أو أسارير أو أسقيك وأرويك أو أية كلمة من الكلمات الأدبية»، هي باختصار «تهديد» حالها حال ما يقوله إخوتنا المصريين: «هتشوف… هوريك…»… أي، سترى مني ما ترى.
وحين تسمع أحدهم في مكان عام أو مكان عمل أو في أي موقع يخاطب آخر ويقول له: «يصير خير… أراويك»، فإنه في الغالب «ما يصير خير… إلا يصير شر يا كافي الشر من هذا النوع الدنيء من البشر الذي يستخدم نفوذه أو نفوذ معارفه في النيل من الناس»!
إذاً، لم يعد مستغرباً في مجتمعنا، أن تشاهد شخصاً يتجاوز الناس، ثم يصل إلى الموظف أو الموظفة ويطلب إنهاء معاملته «لأنه فلان ولد علان» أو لأن «فلان» أرسله، أو ربما لأنه «نفر كبير»، وحين يطلب منه الموظفون أن يلتزم بالنظام وينتظر دوره، سواء في الطابور أو بحسب تسلسل رقمه الإلكتروني، فإن وجهه يتقطب وتحمر عيناه وهو يكرر أن «فلان»! وحين يستمر الرفض، يطلق تلك الكلمة: «يصير خير… أراويكم»، وعادة ما ينصرف والشرر يتطاير من وجهه.
وليس عجباً أن تجد شخصاً يحاول المرور من طريق أغلقته شرطة المرور لوجود حادث أو مناسبة، ويطلب من شرطي المرور أن يفتح له الطريق كونه «علان العلاني»، وينتهي الحديث بعبارة: «يصير خير… أراويك… بنلتقي وبتشوف اللي يسرك»… وبالطبع، لن «يصير خير» ولن «يرى ما يسره»، ذلك لأن «علان» لديه ورقته التي سيستخدمها بنفوذه أو نفوذ صاحبه لينكل بالشرطي.
أما هذا المشهد فهو مضحك للغاية، ويدعو للشفقة على جماعة «أراويك»! فهذه السيدة «فلانة» تصر على موظف الأشعة أن يقدمها على سائر المرضى المنتظرين كون حالة ابنها – شافاه الله وشافى كل المرضى – تستدعي السرعة، فيطلب منها أن تنتظر فكل المرضى حالاتهم تستدعي السرعة وإلا لما تم تحويلهم، فتشير إليه بأن «فلان» أرسلها، والحكاية لن تنتهي إلا بأن ترضخ للأمر الواقع، لكنها بعد أن أنهت دورها، لايزال في قلبها «شيء يقرقع»، فتتجه نحو الموظف وهي منصرفة لتقول «أحرجتني أمام الناس… لكن يصير خير… أراويك من أكون»… يا لهووووي.
وما رأيكم لو قلت لكم إنني والكثير من الزملاء الصحافيين، تعرضنا لمثل هذه المواقف ولو لمرة واحدة وربما أكثر بالنسبة لآخرين! يتصل بك المسئول الفلاني أو «النفر الكبير العلاني» معترضاً على خبر أو تغطية أو مقال، أو ربما مستبقاً نشر قضية أو مشكلة، وبالطبع، يمارس البعض الأسلوب الاستبدادي الاستعلائي الفاشل، ليهدد ويتوعد بأن ما ستلقاه لن يعجبك، مع أنه من كثر أدبه ولباقته يسمك في آخر الاتصال الهاتفي قبل أن يغلق الخط في وجهك: «هين… جديه ها… يصير خير… أراويك… أبشر».
كل هذه السلوكيات والممارسات الرخيصة «منافية لدولة القانون والمؤسسات التي نتغنى بها»، وهي وإن صدرت من فئة قليلة أو نماذج محدودة، لكنها تتكرر شئنا أم أبينا! وقد تعرض الكثير من الناس: موظفين، عمال، مواطنين، وافدين… لمثل عواقب مقولة «يصير خير التي مآلها الشر»، ولو أن «جوقة الداعمين» الذين يشجعون هذا التصرف بالانصياع والاستجابة لطلب «أصحابهم المهددين»… أقول لو أن أولئك توقفوا عن التجاوب مع هؤلاء ولم يضيعوا وقتاً ثميناً كان يفترض أن يذهب لخدمة الوطن والمواطن، لاستحى أولئك، لكن المشكلة في أن المهدد والداعم، لا يستحيان!
لا تخافوا ممن يصدح بنعيق «أراويك… يصير خير»، وقولوا له: اضرب راسك في الطوفة، فقط حينما تكونون على حق وأن ذلك الطرف اعتدى عليكم بالفعل… ويا ويلك لو كنت معانداً وفي الوقت ذاته، الخطأ عليك… بتروح ملح… وأكثر ما يضحك، ذلك الذي «يهرج» ليل نهار باحترام القوانين والأنظمة وهو يطبقها على هواه ومزاجه… أقول يا فلان «صير آدمي لا أراويك… ما نلعب بالخردة ترى».