أعترف بأن قلبي كان مع فوز ترامب، إلا أن محفظتي كانت مع هيلاري. وعندما ظهرت النتائج انتابتني مشاعر مختلطة، تصارع فيها الحزن مع الفرح، ولكني تقبلت النتيجة في النهاية، لاعتقادي أن ترامب، بكل تهوره وسابق سيرته وفضائحه المالية و«الجنسية»، وكل الوعود الانتخابية التي أطلقها، والتهديدات الغريبة التي صدرت عنه، قبل وخلال الحملة، ربما سيكون في نهاية الأمر رئيسا جيدا لوطنه، على الأقل. واعتقد ان خبرته كرجل أعمال، وكونه من خارج المؤسسة السياسية الأميركية، ستجعله مستقبلا أكثر دقة في حساباته، وأكثر حذرا في تصريحاته، وأقل تقيدا بالشاذ من وعوده الانتخابية.
لقد قال الشعب الأميركي كلمته، واختار ترامب ليس حبا فيه، بل غالبا كرها في المؤسسة السياسية الأميركية التي تمثلها «هيلاري» بكل صلافتها، وهي الشخصية والمؤسسة التي سئم الأميركيون من ترددها وألاعيبها على مدى أكثر من ثلاثة عقود. ولو كان منافس ترامب شخصية أخرى، كبيرني ساندرز (الذي سبق وان نافس هيلاري على ترشيح الحزب الديموقراطي)، لكانت الهزيمة ربما من نصيب ترامب الذي قلب فوزه موازين وحسابات الحزب الديموقراطي، والأكثر من ذلك حزبه الجمهوري. فقد تخلى عنه قادة الحزب، وربما لم يصوتوا له، ومع هذا خالف كل توقعاتهم، واثبت خطأ الجميع. وأعتقد أن «الخوف» كان العامل الحاسم الآخر الذي ساهم في فوز ترامب. فالخوف من البطالة أرهق الشعب الأميركي، والخوف من ازدياد الجرائم، وانتشار المخدرات، والخوف من الإرهاب الدولي، وهجرة المسلمين للغرب، والخوف من التطرف الديني القادم، كل هذه المخاوف دفعت الشعب الأميركي الى الإيمان بأن ترامب أكثر قدرة من هيلاري على العمل لإزالة هذه المخاوف. وبالتالي من حقنا أن نفترض أن الخوف من التدهور الكبير في «منظومة قيم المجتمع» في الكويت يجب أن تدفع الناخب الكويتي لإحداث زلزال مماثل للزلزال الأميركي، عن طريق اختيار نوعية مختلفة وجديدة من النواب، بعد ان سئم الشعب من مواقف وتصرفات غالبية السابقين، إن لم يكن كل سياسيينا الذي كتموا على أنفاسنا، وفاحت روائح فضائح كثير منهم، واتعبتنا ممارساتهم ومواقفهم السيئة.
إن الشعب الكويتي يستحق نوابا افضل، نوابا مستنيرين، بعيدين عن الاستقطاب الحزبي، الديني والطائفي والقبلي. نوابا بروح ونفسية طيبة تهدف الى خدمة وطنها، نوابا من أمثال: أحمد الفضل، أحمد القضيبي، رياض العدساني، عبدالرحمن العنجري، غدير أسيري، راكان النصف، إيمان حيات، يوسف الفضالة، يعقوب الصانع، وطبعا الأخ عبدالله الرومي، وغيرهم ممن نتوسم فيهم الخير والبعد عن الطائفية والغلو الديني.
ما نتمناه ليس حلما، فبإمكاننا من خلال المشاركة الإيجابية والفعالة، إيصال هؤلاء الى مجلس الأمة القادم، وإحداث التغيير المطلوب. ولا ننسى هنا مقولة جورج أورويل: إن الشعب الذي يختار نوابا فاسدين ليس ضحية، بل هو متواطئ معهم!